صقر في صدره قرص يحوي علم دولة الإمارات محاطاً بسبع نجوم، هذا هو شعار الدولة، والذي يعتز بالصقر وقيمته ورمزيته الملهمة بالتحدي والقوة. وليس مجرد شعار، بل هو من أبرز الطيور التي تهتم بها دولة الإمارات وتمنح الرياضة الخاصة بها أهمية كبيرة، ويتم تسليم راية أساليبها وأدواتها إلى جيلٍ بعد جيل. من مستشفيات وعيادات الصقور، مروراً بمسابقات رياضتها ورحلات القنص، انتهاءً بنوادي الصقارين و«مدرسة محمد بن زايد للصقارة وفراسة الصحراء»، يبدو اهتمام الدولة بهذا الطائر المميز جلياً للعالمين.

يشير مدير البرنامج التربوي في «مدرسة محمد بن زايد للصقارة وفراسة الصحراء» بطي الخييلي، إلى أن المدرسة أنشئت عام 1996 من أجل تعليم مبادئ الصقارة العربية للنشء بطريقة ممتعة تحببهم فيها، واستدامة رياضة الصيد بالصقور، التي تعد من التراث القيّم لدولة الإمارات، في رمال منطقة العين الذهبية، مستقبلةً في بدايتها أكثر من 100 طالب، ومخرجةً منذ ذلك الحين أكثر من 400 طالب وطالبة.

ويقول: «توجه المدرسة مناهجها للنشء من سن 7 حتى 17 عاماً، مع خطة وجود برامج للكبار مستقبلاً، مع مدربين ومناهج أكثر وتوفير الاحتياجات المناسبة لهم. في بدايتها استقبلت الطلاب من الذكور فقط، وكانوا من فئة المواطنين، وفي موسمها الثاني فتحت المجال للإناث، وكذلك لغير المواطنين، وفي موسمها الثالث أضافت فئة غير المتحدثين بالعربية إليهم».

الدراسة
وحول المناهج التعليمية، يوضح الخييلي: «كُتبت مناهج المدرسة بواسطة لجنة متخصصة في هيئة البيئة بأبوظبي، ونادي صقاري الإمارات، واستعين فيها بكتب ومراجع عالمية متوفرة في مجال الصقارة.

في الموسم الأول كانت الدراسة تعتمد اللغة العربية فقط. أما في المواسم التالية فقد اعتمدت اللغة الإنجليزية كلغة دراسة للمناهج إلى جانب اللغة الأم». ويضيف: «تتكون المناهج من برامج مخصصة للذكور وأخرى للإناث، يتم فيها تعليم كل ما يتعلق بالصقارة والصحراء وعلومهما، من أساسيات الصقارة وسبل استدامتها، ودور الدولة في الحفاظ عليها كتراث، والحفاظ على البيئة والطرائد الموجودة. وتنقسم الدراسة إلى نظرية وعملية، وتكون في يومي الجمعة والسبت. الجزء النظري في بداية كل يوم يكون في قاعات الدرس، لمدة ساعة، ثم يخرج الأطفال مع مدربيهم إلى «الحظائر» من أجل تعلم الجانب العملي من الدراسة».

فراسة الصحراء
يشرح الخييلي أكثر حول طريقة التدريس، قائلاً: «في أول يومين من المنهج، يتم التركيز على فراسة الصحراء، حيث يتعلم الطلاب في (حظيرة المرخ) الخارجية (شبّة الضو) وصنع القهوة العربية، وبعض المأكولات المحلية مثل (القرص)، كما يجولون في الصحراء مع خبراء ومدربين في التراث، للتعرف إلى الطبيعة الصحراوية والنباتات والتضاريس بمسمياتها القديمة التي كان يستخدمها الأجداد، كما يحصلون على المعرفة عن الاتجاهات والمواسم بمسمياتها التراثية، والنجوم وطريقة التخييم، وكيفية اختيار مكان الصيد، ومكان رعاية البدو، وتتبع أثر الحيوانات وأنواعها السامة وغير السامة، وأنواع الطرائد.

أما ثاني يوم من برنامج الحظيرة، فهو مختص بالصقارة، ويمتد هذا البرنامج حتى المستوى الأخير. يبدأ الصغار فيه ممارسة الصقارة منذ البداية، كأنما امتلك أحدهم طيراً للتو، فيبدأ بتربيته وتعليمه، فيتعلم حمل الطير وإطعامه وتعليمه على (التلواح)، وكيف يحافظ على الطير من الأمراض والضياع، وكيف يدرب طيره ويكسبه لياقة، وما الأدوات التي استخدمها الصقارة في ذلك قديماً، والأدوات المستخدمة كذلك في علاج الطير.

تقسم الدراسة في المدرسة إلى 4 مستويات، المستوى الأول للأطفال من سن 7 إلى 12 عاماً، والثاني حتى الرابع، للنشء من 13 إلى 17 عاماً، وكل مستوى يحوي معلومات متقدمة ومكثفة أكثر من الذي يسبقه.

كما أن الدراسة تكون فقط في فترة الصقارة، من بداية شهر نوفمبر حتى منتصف فبراير»

أقسام المدرسة
للمدرسة عدة أقسام تساعد على تقوية العملية التعليمية الخاصة بها. بداية من قاعات الدرس الأربع، التي تسمى بأسماء الطير، كقاعة الشاهين والجير والحر والحباري. القاعات مجهزة بأحدث الوسائل، وبالطير والأدوات اللازم معرفتها، وبمقاعد محدودة تناسب قدرة المدرس على الشرح وقدرة الطالب على الاستيعاب، في مبنى تراثي مناسب لمكانه وسط الصحراء.

بالإضافة إلى مكتبة فيها أكثر من 400 كتاب في الصقارة، ومعرض لصور الصقار الأول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى جانب بعض الأدوات التي كان يستخدمها في رحلات الصيد، والأجهزة التي كان يستخدمها البدو في الصقارة. وأخيراً «الحظيرة» الداخلية والخارجية، المعدّة للجانب العملي من الدراسة.