رغم مسؤولياتها الأسرية تمسكت الإماراتية حميدة عبد الرب بحلمها، رغم اقتناعها بأنه سيبقى مجرد حلم من دون أن يتحقق، لكن من خلال إصرارها وعزيمتها تخرجت في كلية الصيدلة وهي على أعتاب الخمسين من العمر، فلم تهدِ من حولها سيرة نجاح فقط وإنما أيضاً قصة إلهام للجميع بأن العمر والظروف لن تقف عائقاً أمام الطموح.

• ما دوافعك التي قادتك إلى استئناف دراستك بعد انقطاع؟
ارتداء المعطف الأبيض حلم وأمنية رافقاني منذ صغري، وتبلورا لديّ تماماً أيام المدرسة، كنت أرغب في المواصلة ومن ثم التخصص في الطب البشري، إذ كنت متفوقة جداً في القسم العلمي واستطعت اجتياز الثانوية العامة والحصول على نسبة 83%، ولكن بسبب الزواج المبكر ومن ثم مسؤوليات الأسرة، لم أتمكن من تحقيق طموحي، بعد 10 أعوام كنت أماً لسبعة أطفال، وحينها كنت أحمل مسؤولية كبيرة تجاه عائلتي فانقطعت عن الدراسة وأجلت حلمي.

عزيمة وإصرار
• احكِ لنا قصة العودة؟
طوال تلك الفترة وأنا أمارس دوري كأم وربة منزل، لم أنسَ حلمي، إذ لم يفارقني للحظه من حياتي، وكنت أنتظر اللحظة المناسبة فقط لاستئناف العمل عليه، عندما كنت في سن 47 وكان أصغر أبنائي في مرحلة الثانوية، قررت أن أعود لمقاعد الدراسة مجدداً بعد انقطاع طويل، كانت رغبتي في دراسة الطب البشري قوية، لكن واجهتني مشكلة وهي ضرورة أن أسكن بعيداً عن أسرتي لتحقيق ذلك وبعد تفكير، اخترت دراسة الصيدلة لأنها كتخصص قريبة من الطب البشري.

• لابد أن هذه الخطوة أثارت ردود أفعال كثيرة لدى من حولك؟
تقبل هذه الفكرة اختلف من شخص إلى آخر، بالنسبة لعائلتي وزوجي حصلت على تشجيع كبير منهم، وكانوا أحد أسباب تكمله دراستي، لكني من جانب آخر واجهت الكثير من الآراء السلبية من بعض الأصدقاء والمعارف، فبعضهم قالوا لي ما فائدة الدراسة في هذا العمر؟ وهل تستطيعين أن تحصلي على الوظيفة بعد التخرج وأنت في هذه السن؟ لكني لم ألتفت أبدأ لكلمات الإحباط، وسرت قدماً نحو ما أصبو إليه.

تحديات ونجاح
• ماذا عن الصعوبات والتحديات التي واجهتك؟
على المستوى الأكاديمي فإن شغفي بالدراسة سهل عليّ الكثير من الأمور الأكاديمية، لكن عندما كنت في السنة الثالثة من الكلية تعرضت لحادث دهس في حرم الجامعة،  كان سبباً في كسر رجلي وعمودي الفقري، وتأخيري عن الدراسة سنة كاملة، ولكن بتشجيع من زوجي وأبنائي، عدت للكلية بعد شفائي وتخرجت بالتفوق مع امتياز شرف، وأكثر ما فخرت به هو تكريمي من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات».

• كيف كنت تتعاملين مع زملائك في الدراسة، خصوصاً أن هناك فارقاً في العمر؟
في البداية كنت أحس بغربة وعدم انتماء إلى المكان، ولكن بعد فترة بفضل طبيعتي الاجتماعية وأيضاً بعض الطالبات، اجتزت هذه المرحلة وزميلاتي كن يعاملنني باحترام ووقار، فكنت أحصل على التشجيع من أساتذتي، وكانوا يقولون عني إني نموذج لا بد أن يحتذى به.

أم مثالية
تقول حميدة عبد الرب إن قصتها تثبت أنه ليس هناك عمر معين للتعليم، وتضيف: «أنا مسرورة جداً بهذا الإنجاز، خاصة أنني أرى أبنائي وأحفادي حولي، وقد أديت رسالتي نحوهم على أكمل وجه، إذ حصلت عام 2017 على جائزة الأم المثالية، وفي الوقت نفسه وفقت في تحقيق حلمي، وأطمح إلى أن أواصل دراستي العليا وأن أحصل على الوظيفة المناسبة في قطاع الصحة».