تعرضت المُغامرة اللبنانية غيداء أرناؤوط قبل سنوات لحادث تسبب في كسر مفصل الورك، وكان المنعطف الذي أثر في اتجاهاتها في الحياة ونقطة الانطلاقة نحو عالم تسلق الجبال والصخور تارة وفي مرات أخرى السفر واكتشاف العالم والتعرف إلى أنماط متباينة من البشر وتبادل الخبرات الحياتية معهم.

• ما الذي دفعك لممارسة رياضة تسلق الجبال رغم صعوبتها؟
- قبل خمسة أعوام كنت في إسبانيا وتعرضت لكسر في مفصل الورك، فاضطررت إلى إجراء عملية جراحية لإصلاح الكسر وبقيت على كرسي متحرك ثلاثة أشهر عانيت فيها كثيراً، لا سيما أن الطبيب قد طلب مني عدم الضغط على قدمي في الحركة لمدة سنة كاملة، أصبحت لديّ طاقة كبيرة مخزونة تصرخ بداخلي وأشعر برغبة عارمة في الانطلاق، فبدأت بتجربة رياضة تسلق الصخور ثم تسلق الجبال شيئاً فشيئاً وسافرت بمفردي إلى نيبال لأتسلق وأتخلص من حالة الاكتئاب التي أصابتني.

للذكور فقط

• ماذا عن التحديات التي واجهتك عند ممارسة هذه الرياضة التي يرى البعض أنها ذكورية وتحتاج إلى بنية جسدية قوية؟
- في البداية واجهت رفضاً شديداً من جميع أفراد عائلتي والمجتمع المحيط، وقالوا ما ترغبين في فعله هو عمل جنوني، فهذه الرياضة للذكور، لكن هذه العبارات لم تحبطني يوماً، بل زادتني إصراراً وعزيمة على استكمال مشواري في ممارسة الرياضة التي أعشقها.
• هل هناك رياضات ذكورية وأخرى للنساء؟
- أعتقد أن هذا الأمر كان في الماضي فقط، أما الآن فقد اقتحمت المرأة جميع ميادين الرياضة وأثبتت جدارتها وقدرتها على التميز بل والتفوق على الرجل في بعض الأحيان.
* ما الشروط الواجب توافرها فيمن ترغب في ممارسة رياضة تسلق الجبال؟
- لا بد لمن ترغب في تسلق الجبال أن تتمتع بالقوة البدنية العالية والحفاظ على الرشاقة والشجاعة وقوة التحمل والتصرف بحكمة عند مواجهة المخاطر، أيضاً المثابرة والإصرار على بلوغ الهدف، ولا بد أن تتمتع بخفة الحركة والتحكم في توازن الجسم.
• كيف تحافظين على رشاقتك؟
- في الأوقات التي لا أتسلق فيها الصخور والجبال أمارس الرياضة باستمرار وأصعد الدرج ولا أستخدم المصعد وأنتبه إلى ما أتناول من طعام طوال الوقت، مع الإكثار من الخضراوات والفاكهة والتقليل من النشويات، وأمارس رياضة المشي يومياً، وعلى الرغم من ذلك أتناول الحلويات والشوكولاته في بعض الأوقات، فالإنسان في حاجة أيضاً إلى بعض السكريات من وقت إلى آخر.
• عن ماذا تبحثين في رحلاتك حول العالم؟
- عندما أقرر السفر إلى أي دولة من دول العالم أتشوق لمعرفة أشياء كثيرة عنها من حيث عادات شعبها وثقافتهم، وأتطلع في كل رحلة إلى القيام بمغامرة لا تمحى من الذاكرة، وأعتقد أن السفر به فوائد كثيرة أهمها استكشاف العالم والاستمتاع بالطبيعة الساحرة، فضلاً عن اكتساب الخبرات والتعامل مع أنماط جديدة ومتباينة من البشر.
• شاركت في برنامج عن المغامرات في إحدى القنوات الفضائية، ماذا أضافت لك تلك التجربة؟
- فرصة المشاركة في برنامج «نبض المغامرة» كانت من أمتع الفرص التي أتيحت لي في الحياة، لا سيما أن فكرة البرنامج هي السفر حول العالم مع فريق العمل في البرنامج لتعلم رياضات جديدة في كل بلد نسافر إليه، وتعلمت الكثير وتركت بداخلي كل دولة زرتها الكثير من الذكريات التي لن تمحى من الذاكرة مثل القفز من الطائرة في إحدى الحلقات.
• وما شعورك أثناء القفز من الطائرة؟
- انتابني مزيج من المشاعر المختلطة، خوف ورهبة وسعادة في نفس الوقت، وزاد ذلك من قوتي وإصراري في الحياة، بيد أن هذه التجربة كانت من أصعب اللحظات التي مرت عليّ في الحياة وأعتقد أنني لن أكررها ثانية.
• أين كانت وجهتك الأولى؟ ولماذا اخترت ذلك المكان بالذات؟ 
- أول بلد سافرت إليه النيبال، وعندما وصلت إلى هناك شعرت بسعادة غامرة وطاقة إيجابية قوية يستمدها الزائر من أهل البلد الذين يتسمون بالتسامح والطيبة والعفوية والبساطة، وقد سافرت إلى تلك الدولة خمس مرات إلى الآن وأعتبرها وجهتي المفضلة دائماً.

تسلق الجليد

• ما أصعب موقف تعرضت له خلال رحلاتك مع تسلق الجبال؟
- أصعب موقف ولن ينسى من ذاكرتي عندما سافرت إلى النرويج قبل أربع سنوات، وكانت أول مرة أجرب رياضة تسلق الجليد وأخذتني الحماسة ولم أستمع لتنبيهات المرشد الذي كان يرافقنا، وعندما كنت أتسلق ارتطمت عصا التسلق بوجهي بقوة  خلال التسلق وشاهدت الدم يتناثر من وجهي على الجليد فكدت أموت خوفاً من أن يكون حدث لي تشوه في وجهي والحمد لله كان مجرد حادث ومر بسلام.
• هل تفضلين الذهاب في رحلاتك حول العالم لتسلق الجبال بمفردك أم ضمن فريق؟ ولماذا؟
- أستطيع السفر بمفردي وتسلق الجبال والاستمتاع بالطبيعة في كل دولة أسافر إليها، وعلى الرغم من ذلك فإن السفر وتسلق الجبال مع فريق أفضل؛ لأن التسلق بشكل فردي يمثل خطورة، فضلاً عن التعارف الذي يتم بين أفراد الفريق الذي يزيد من تبادل الخبرات والاستمتاع بالرحلة.
• ما أحلامك التي لم تتحقق بعد؟ وأين وجهتك المقبلة؟
- أحلم بالسفر إلى أميركا وأن أصبح من أفضل متسلقي الصخور والجبال على مستوى العالم، وأن يكون لديّ مشروع مقهى ثقافي خاص بي يقدم للزائر فرصة الاستمتاع بالقراءة خلال احتساء المشروبات من خلال مكتبة بها الكثير من الكتب، فضلاً عن تقديم الورود إلى جانب المشروبات، ووجهتي المقبلة تسلق جبل مون بلون، وهو جبل يقع على الحدود الفرنسية الإيطالية، ويعد أعلى الجبال الواقعة في أوروبا الغربية، ثم جبل نيبال للمرة السادسة.