كانت الحكايات القديمة التي روتها الجدات تنتهي نهاية سعيدة، تختتم بالزواج، عالم وردي جميل، لكن الواقع أثبت أحياناً أن النهايات لم تكن مفرحة دائماً، والجملة التي تقول إنهما «عاشا في ثبات ونبات وخلفا صبيان وبنات»، كان لا بد أن يقال بدلاً من ذلك، إن الزواج مرّ بأزمات ومشاكل، لم تحلّ إلا بالحوار والتفاهم وبعض التنازلات من الطرفين.
إن الهدف من الزواج تشييد أسرة سعيدة مستقرة؛ لأنها مكوّن أساسي لأي مجتمع، استقرارها ضروري؛ لأداء دورها المنوط بها على أحسن وجه. الزوج والزوجة هما عمودا البيت، لهما دور حيوي وأصيل لاستمرار الزواج وديمومته، لكن الأسرة قد تتعرض لتحديات عدّة، يمكن حلّها، وقد تجنح بها إلى الطلاق، الذي زادت نسبته قليلاً، رغم ذلك تبقى في الحدود المقبولة مقارنة بنسبته عالمياً. للطلاق مسبباته، لكن لا مفر من وجود الجهل وسوء التقدير.
أول جهل يقع فيه بعض المتزوجين هو جهلهم بشخصية الطرف الآخر، معرفة مدى توافقهم وملاءمتهم لبعضهم بعضاً قبل الإقدام على الزواج، في بعض الحالات استمر إلى ما بعد الطلاق! من الحالات التي وصلت للمحاكم زوج شديد الرومانسية في حين أن الزوجة عملية، لا تتحمل الرومانسية المفرطة، على عكس بعض الفتيات! الجهل الثاني متعلق بالمفاهيم الحقيقية للزواج، بعضها فيه مغالطات وخيال وأوهام، فيه توقعات تفوق الواقع وتتجاوزه؛ لهذا يحتاج المقبلون على الزواج إلى تعارف حقيقي وواضح، في نطاق الأسرة، إلى إجراء اختبارات تحليل للشخصية عند استشاريين متخصصين.
في إحدى المرّات سمعت بفسخ الخطوبة، لم يكن الأمر صادماً لي لاختلاف الشخصيات، أو حين نسمع رأي أحدهما ومفهومه للزواج، ندرك نصيبه من النجاح أو الفشل. بعض الأزواج يظن أن من حقه تفتيش هاتف الآخر، الاطلاع على كل شيء، كأنه ملكية له! أو طفل صغير لا بد من تربيته! بزعم المحافظة على العلاقة الزوجية. إنه يجهل أن التجسس لا يجوز شرعاً ولا عقلاً ولا اجتماعياً؛ وأنه لن يؤدي إلا إلى المزيد من المشاكل؛ لأن الأساس هو الثقة بين الطرفين.
أما الجهل الأخير فيتعلق بكيفية حلّهم لهذه المشاكل، بعضهم يلجأ للأسرة والأصدقاء، منهم من يساعدهم على تجاوز المشاكل بذكاء ومنطق، أو يغرقهم فيها، بمناقشة تفاصيل المشكلة، بدلاً من البحث عن نقاط اتفاق وتفاهم، من خلالها يقرّب وجهات النظر. هناك دور للأسرة، للتعليم، للإعلام، ومؤسسات المجتمع، في تعريف المقبلين على الزواج بأسسه وأسرار نجاحه؛ حتى لا تذبل الزهور.