قصص الحب على سدة الحكم صعبة وقاسية، ودموية أيضاً. ماري أنطوانيت ملكة فرنسا، زوجة الملك لويس الـ16. قصتها فيها الكثير من الألم. ولدت في فيينا عام 1755 من عائلة ملكية عرقية، ومن أجل ترسيم التحالف بين النمسا وفرنسا، زوجت ماري بمن سيصبح ملكاً لفرنسا، لويس الـ16. عمرها لم يتجاوز الـ14 عاماً، بينما كان هو في الـ15 من عمره. وعندما أصبحت ملكة على فرنسا كان عمرها 19 عاماً. كان كل هدفها استمرار هذه العلاقة وسط الضغينة والعنصرية داخل القصر، حتى إنه كان يناديها بالنمساوية. حاكوا قصصاً كثيرة ضدها لأنها تأخرت في إنجاب ولي، قالوا إن الملك لم يجد إلا عاقراً ليجعل منها ملكة على فرنسا. حتى عندما حملت بأبنائها، اتهمت بعلاقة سرية بينها وبين أحد مستشاري الملك. وتحولت إلى حالة من السخرية في المجتمع الفرنسي الذي كان يستعد لواحدة من أكثر الثورات عنفاً في أوروبا. ومع انهيار الأوضاع وتعقد الوضع المعيشي للناس، حاول أهلها تهريبها، لكنها رفضت كلياً. ويوم حكم عليها بالإعدام، كتبت رسالة مؤرخة في 16 أكتوبر، وهي في السجن، لأخت زوجها التي كانت تشرف على الأولاد: «إليك أختي أتوجه برسالتي الأخيرة. حُكم عليَّ اليوم بالإعدام (بالمقصلة)، بموت شريف، فالموت المهين للمجرمين، بينما موتي يلحقني بأخيك. مثله، بريئة متمنية أن أكون بصرامته في اللحظات الأخيرة. أنا هادئة مثلما يحدث عادة عندما يكون ضميرنا مرتاحاً. حزني الوحيد هو أني سأترك ورائي أبنائي المساكين، وأنت تعرفين أنه لا حياة لي من دونهم».
وفي يوم إعدامها فوجئ الناس بتحول لون شعر الملكة إلى الأبيض، وكانت في سن الـ38، سميت الظاهرة بساندروم ماري أنطوانيت. وعلى العكس من لويس الـ16 الذي نقل في كروسة محترمة، فقد نقلت ماري أنطوانيت، في عربة خشبية. استمر نقلها ساعة كاملة حتى ساحة الإعدام (ساحة كونكورد) بسبب اكتظاظ الناس على قارعتي الطريق. وهي تصعد إلى منصة الإعدام، انزلقت قدمها، فسقط حذاؤها الخفيف، أخذه أحد الأوفياء، وهو اليوم محفوظ في متحف الفنون الجميلة بمدينة كون. واجهت ماري أنطوانيت المقصلة بشجاعة، مقلدة في ذلك زوجها الذي شكل لها نموذجاً في الصبر والمقاومة، تماماً كما رسمها الفنان جون- لويس دافيد في خطاطة، تحولت مع الوقت خطاطته إلى أسطورة، لدرجة أن قال عنها الكاتب الفرنسي الكبير شاتوبريان: «جريمة الثورة الأولى هي قتل الملك. لكن أبشع منه، قتل الملكة».