إصابة طفل، في سنواته الأولى، بالتهابات المسالك البولية يطرح أكثر من سؤال. فهل قلة النظافة هي السبب أم هو خلل في المثانة أم أن الوراثة لها دخل في هذا النوع من إصابات الالتهابات الجرثومية؟ وماذا لو تكررت؟

الإصابة قد تطول أي طفل، فتى أو فتاة، لكن نسبة الإصابة عند الصبيان تبقى أعلى، خصوصاً في سنتهم العمرية الأولى أو الثانية، بسبب تكوين أعضائهم التناسلية. الفتيات يصبن بسبب دنو المخرجين، جهاز التغوط وجهاز المثانة، من بعضهما. ركود البول في المثانة سبب آخر في حدوث التهاب المسالك البولية عند الصغار. الإمساك سببٌ آخر إضافي كونه يُقلص من سعة المثانة ويمنعها من إفراز كل محتوياتها.
الاختصاصي في أمراض الكلى والمسالك البولية وزراعة الكلى البروفيسور شبل موراني يُحدد معنى مقولة «المسالك البولية» بقوله: نقصد بالمسالك البولية الكليتين والحالبين والمثانة والإحليل وصولاً إلى المسلك النهائي الذي يُصرّف الرواسب إلى خارج الجسم. ولعلّ المشكلة الأكبر هنا أن نسبة تشخيص حالات المرض عند حديثي الولادة، ومن هم دون السنتين، قليلة جداً بسبب عدم وضوح الأعراض وعدم قدرة الصغار على التعبير.

إصابة فتشخيص
التشخيصُ الصحيح يكون عبر اختبار زرع البول لا عبر فحص بول عادي، فلا تخلطوا بين الاثنين. فالفحص العادي يُظهر كمية الخلايا الموجودة في البول والبروتينات والغلوكوز ونسبة الحموضة، في حين أن زرع البول يتطلب كثيراً من الدقة، والنظافة أيضاً، ويتم هذا عبر جمع البول في كيس بلاستيكي خاص معقم موجود في الصيدليات. ويُحبذ كي تأتي النتيجة دقيقة أن يُصار إلى جمع عينات البول بين بداية التبول ونهايته، أي بعد ثوانٍ قليلة من بداية التبول وقبيل ثوانٍ قليلة من الانتهاء. وهذا طبعاً غير سهل بالنسبة إلى شخص كبير، فكيف الحال مع طفل ما زال يتبول في حفاضه؟ ثمة حلول عدة بينها جمع البول بواسطة قسطرة، ويمكن أن يطلب الطبيب فحوصاً إضافية بينها تصوير الكلى والمثانة عبر الموجات فوق الصوتية والتصوير المقطعي أو بالرنين المغناطيسي وبالموجات فوق الصوتية.
اكتشاف معاناة الطفل مبكراً صعب، لأنه لا يكون قادراً، غالباً، على التعبير، وقد يظن كثير من الأهالي أن طفلهم يعاني آلاماً في الأذن ربما أو في الأضراس ويعطونه من تلقاء أنفسهم مضاداً حيوياً ينفع في حالات التهابات الأذن. وهذا ما قد يفاقم الأمر ويجعله يتمادى من التهاب بسيط في المسالك البولية إلى مشاكل في الكلى. لهذا لا بُدّ من السؤال هل من أعراض محددة تساعد على اكتشاف الحالة أسرع؟

الكليتان بخير
يشعر الطفل بحريقٍ في البول الذي تصبح رائحته كريهة جداً، وهنا يفترض أن تنتبه الأم كثيراً إلى لون بول طفلها الذي يفترض أن يميل طبيعياً إلى الأصفر الخفيف، مثل لون عصفور الكناري، لكن إذا تحول إلى أحمر، من دون أن يكون الطفل قد تناول طعاماً أحمر مثل الشمندر، فقد يكون هذا مؤشراً إلى وجود التهابات في المنطقة. وقد يترافق التغير في لون البول بعض الأعراض، مثل: صعوبة التبول وآلام في أسفل الظهر وضعف في الشهية وحمى وتقيؤ وحالات إسهال. وتختلف الأعراض عموماً باختلاف الجزء المصاب من المسالك البولية. وبالتالي أعراض التهاب المثانة وحده تتجلى في تبدل لون البول إلى أحمر، حريق فيه، ضغط وآلام في أسفل الحوض أو أسفل الظهر وأسفل السرة، كثرة محاولات التبول مع إخراج حدّ أدنى منه. أما إذا انتقلت العدوى إلى الكليتين، تكون أكثر خطورة، فقد تظهر أعراض إضافية بينها سريان قشعريرة في الجسم وارتفاع حاد في حرارة الجسم وغثيان وتعب شديد وآلام شديدة في الظهر وفي البطن.
في كل حال، إذا كان طفلك يبدو مريضاً وهو يعاني ارتفاعاً في  درجة الحرارة، من دون سيلان في الأنف أو أسباب أخرى واضحة لمرض ما، فلا تلغي إمكانية أن يكون يعاني التهاب المسالك البولية.

هل تكفي المضادات الحيوية؟
هناك من يسألون الآن وبإلحاح: ماذا عن العلاج؟ وهل تكفي المضادات الحيوية؟ إذا كانت الالتهابات في بداياتها، أي التهابات سفلية في مجرى البول الخارجي والمثانة، قد تكفي المضادات الحيوية علاجاً لمدة يحددها الطبيب استناداً إلى نوع الالتهاب وحجمه، أما إذا كان الالتهاب قد بلغ المنطقة العليا، أي الكلى، فيُصبح ضرورياً دخول المستشفى واتخاذ تدابير علاجية إضافية يحددها الطبيب. ويبقى العلاج الطبيعي الأسهل المتمثل في ضرورة شرب المياه، باستمرار.. المياه حياة ودواء.