بعد انتهائها من الدراسة الجامعية، حصلت على وظيفة في إحدى المدن القريبة من مدينتها، لا تعرف أحداً هناك، وفي أول يوم دخلت لموقع العمل وهي فرحة وسعيدة، بعدما حصلت على وظيفة تناسب تخصصها، وكانت تحلم بأن تبني مستقبلها في مجال عملها وتسعى إلى أن تتميز. طلب منها المسؤول المباشر أن تتدرب لمدة أسبوعين في جميع أقسام المؤسسة، حتى تتعرف إلى كيفية سير العمل ولتغطية أي قسم في وقت الحاجة، وهذه السياسة متبعة بتلك المؤسسة القائمة على أسلوب فريق العمل. وبدأت في اليوم الأول بقسم الاستقبال، تعرفت إلى زميليها، شاب وفتاة، رحبا بها وبدآ في شرح طبيعة العمل، استمرت ليومين وانتقلت للقسم الآخر، وهكذا حتى استقرت في القسم الذي ستعمل فيه.


توتر
عادت يوماً من العمل وهي حزينة جداً، ألقت التحية وأغلقت باب غرفتها وليست كعادتها فلم تخرج من الغرفة، على الرغم من محاولات إخوتها ووالديها التحدث إليها. كما استمرت في تجاهل أفراد أسرتها لعدة أيام، وفي كل يوم يتحدث إليها والداها، فتأتي إجابتها بأنها بخير ومتعبة قليلاً، إلى أن طلب منها والدها الجلوس معهم لتتسامر كعادتها القديمة، جلست وهي حزينة جداً وبدأت تتحدث بتردد وتوتر، بأنها تريد إجراء عملية تحويل مسار، فوجئ الجميع بهذا القرار المفاجئ والغريب، فأجابها والدها بشكل سريع: «لا يمكن.. أنا لست موافقاً، ألا تعلمين خطورة هذه العمليات، ألم تسمعي عن فلان وفلانة التي فارقت الحياة منذ أيام؟ ما الذي حدث لك؟ لقد كنت سعيدة قبل البدء بالعمل، جميعنا نحبك». فجأة انفعلت ولأول مرة تصل لهذه الدرجة من العصبية.

سر التغيير
بدأ الجميع يتساءلون عن سر هذا التغيير، إنها (الذات)، كيف يعيش الشخص بنظرة الآخرين وأحكامهم، معظم زميلاتها رشيقات «بمفهومهن للرشاقة»، وبعضهن لانتشار عمليات قص المعدة وتحويل المسار، قمن بها وأصبحن رشيقات، فوضعنها في قالب التقييم، فلم تكن مقبولة لدى الآخرين ما لم تكن مثلهم.

نقاط
للأسف، كثيرون يقعون تحت ضغط رضا الآخرين، وبعيداً عما يتميز به البعض، يسعى ليحصل على تقدير الآخرين متناسياً ذاته. لذا هنا بعض النقاط للبدء بحب وتقدير الذات:
- ابدأ بكتابة الإيجابيات التي لديك وانظر لمن لا يمتلكها ممن حولك.
- كن لطيفاً مع نفسك، لا تركز على جزء منك فقط.
- لا تعتزل أصدقاءك والمقربين، فقد تحتاج لدعمهم وإن اختلفوا معك في الرأي.
- تعلم تقبل ذاتك وتسامح مع نفسك، حتى تصل لمرحلة الرضا والسعادة.
- تحدث مع الآخرين وإن اختلفوا، فكن منفتحاً وتقبل هذا الاختلاف.
- برر للآخر سلوكياته إن لم تعجبك، واعتذر له إن أخطأت.
هكذا نستطيع أن نرتقي بالحوار مع بعضنا من خلال «ذات» كلٍّ منا، فنحن نمثل أنفسنا، وعندما ننفعل فهذا يعني أننا نفتقر للتعبير عن ذواتنا، ولمهارات التواصل مع الآخرين، وبالتالي نحتاج إلى إدارة الغضب للوصول إلى التصالح مع الذات والشعور بالسلام.

استشارة
* لديّ مشكلة وهي شعوري بالوحدة وبأنني منعزلة عن الآخرين، لدي ابنتان وزوجي يعمل في مدينة أخرى، على الرغم من أنه يعود يومياً، إلا أنني لا أقضي معه أوقاتاً جميلة كالجلوس والتحاور إلا نادراً، لديّ خوف دائم من الرفض ولست اجتماعية لهذا السبب، على الرغم من وجود عدد من الأقارب حولي، ولكنني لا أستطيع البدء في تكوين علاقة بسهولة؟
- معظم الدراسات تثبت أن شخصاً من بين كل ثمانية أشخاص يعاني الوحدة، المسألة ليست سهلة لأي شخص، ولكن بداية عليك زيارة الطبيب ليقوم باختبارات طبية لفحص الهرمونات، لم تذكري عمر أصغر بناتك، عموماً قد يكون لديك نقص فيتامين (دال) والذي يمكن أن يسبب لك مثل هذه الأعراض، وقد يكون أحد أعراض الاكتئاب، كما يفضل فحص الغدة الدرقية. وبعد التأكد من سلامتك، عودي لممارسة الأشياء القديمة التي كنت تحبينها وتستمتعين بها، وتواصلي مع أصدقائك القدامى.