الرسم في نظر البعض مهنة، وفي نظر البعض الآخر إبداع وتميز وخروج عن الواقع، وهذا ما يتوافر لدى الرسام ومصمم الأثاث والأزياء التونسي أشرف البكوش، الذي وجد تميزه في تراثه وبيئته المحلية، فاستقى منها خطوط الجمال، واستلهم من تفاصيلها إبداعات لفتت الأنظار.

دفع الشغف بالفنون أشرف البكوش إلى دراسة فن الديكور، وتعلم فنون الرسم من والدته، وانطلق يخط صوراً ملهمة ويبتكر قطع أثاث تتميز بتفردها، ويصمم فساتين وألبسة رجالية مختلفة، ألهمه التراث التونسي بتفاصيله المتعددة، فانطلق نحو العالمية لينال مؤخراً جائزة أفضل مصمم أزياء وديكور في معرض أقيم في مدينة نيويورك الأميركية.

* كيف بدأت فكرة رسم نجوم عالميين باللباس التقليدي التونسي؟
اكتشفت خلال مشاركتي في المعارض التي تقام خارج تونس، أن الناس لا يعرفون بلدي، وعندما أعرفهم بنفسي على أنني من تونس يظنون أنها إندونيسيا، فبدأت حينها أفكر في تعريف بلدي بطريقة مختلفة وتصل لأكبر فئة من الناس، فلجأت إلى رسم نجوم المشاهير العالميين وهم يرتدون اللباس التقليدي التونسي، وفي مواقع تونسية مسجلة في قائمة التراث، وقد جابت هذه اللوحات الكثير من المعارض حول العالم، وجعلت الزائر يعرف الأزياء والتراث والعادات والتقاليد التونسية بشكل سلس. فألبست أنجيلنا جولي «طرحة عروس الريف»، وظهر مستر بين بلباس «السفساري» وحولت سلين ديون إلى راعية، وتزينت الموناليزا بـ«الملية البربرية».

تقدير
* هل لاقت هذه الفكرة تقدير زوار معرضك الدائم في العاصمة تونس؟   
نعم، فأنا أستمتع بمشاهدة نظرات الإعجاب والانبهار من قبل الزوار، وكل نظرة أعتبرها بمثابة شهادة شكر لي، فلا شيء يميز المصمم أكثر من تراثه وثقافته المحلية، وخصوصاً أن التراث التونسي لم يتم تداوله سابقاً بهذا الشكل في مجال التصميم، والبيئة التونسية كنز وبحر مملوء بالدرر، ولدينا موروث كبير يمكن تطويعه في مجال التصميم.

* ما أكثر اللوحات التي نالت إعجاب زوارك؟
لوحة الموناليزا حظيت بردود فعل إيجابية، وقد رسمت حتى الآن 46 لوحة لها وهي مرتدية اللباس التقليدي التونسي لكل مدينة تونسية، كما تلقيت عدة طلبات لإعادة رسم فريدا كارلو وأوباما ومارلين مونرو.

* ما الآليات التي تستعملها في الرسم؟
أرسم بالألوان الزيتية وأضع مثبتات بعد انتهاء اللوحة لتثبيت الألوان، وكل قطعة يستغرق إنجازها من أسبوع إلى أسبوعين، حسب تفرغي والحالة المزاجية التي أعيشها.

مهارة
* من أين اكتسبت مهارة الرسم؟
الموهبة بدأت منذ الطفولة، وقد تعلمت الكثير من تقنيات الرسم والتصميم من والدتي الراحلة، وقد بدأت أشق طريق الاحتراف منذ أن كان عمري تسع سنوات فقط، واستطعت منذ ذلك الوقت وحتى الآن أن أترك بصمة في جميع المعارض التي شاركت فيها داخل وخارج تونس.

* ما الذي يغريك في الرسم على الأبواب والنوافذ والأواني القديمة في بعض القطع الفنية؟
أنا أحب كل ما هو قديم، أبحث دائماً عن أي شيء تعبق منه رائحة الزمن، ومع أن القطع القديمة تستهلك وقتاً ومجهوداً أكبر، إلا أنها تبقى دائماً متفردة.

* أنت تصمم الأزياء أيضاً، فمن أين تستوحي تصميماتك؟
أستوحي تصميمات الملابس التي أعرضها من فيلم أو من رواية أو مكان، وآخر مجموعة لي استوحيتها من قصر فيرساي الباريسي، وقبلها استوحيت مجموعتي من كتاب «أليس في بلاد العجائب»، فدائماً ما أبحث عن عوامل جذب، وموضوعات مختلفة تترك أثراً إيجابياً لدى الزوار.

معلم تونسي
يسعى  الرسام ومصمم الأثاث والأزياء التونسي أشرف البكوش، إلى أن يُخلد بلده تونس تاريخياً، ويقول: «أريد أن يتم تخليد تونس في الذاكرة العالمية، في عمل على غرار برج إيفل الذي يميز فرنسا، والذي صممه غوستاف إيفل، فأريد أن أحاكي الفكرة، وأن أقدم للعالم معلماً تونسياً بارزاً ليصبح حديث العالم وهذا هو الإبداع الذي أسعى إليه».