هناك الكثير من الموهوبين حول العالم لم يحظوا بفرصة جيدة، ولم يسمع بهم أحد، فما السبب في ذلك؟ يعتقد البعض أن الموهبة وحدها تكفي لكي تكون شخصاً مبدعاً، إلا أنها ليست كذلك، فهناك جانب يكاد يكون أكثر أهمية من الموهبة ذاتها، وهي القدرة على إدارة الموهبة، لو نظرت إلى نجوم المجال الذي تبدع فيه، هل كلهم موهوبون بدرجة أكثر من منافسيهم على الساحة؟ لا بالطبع، هناك من هم أكثر منهم موهبة، ولكن هناك شيء ما لم يجعلهم على القدر نفسه من النجاح.

لا يمكنك فتح متجر ذهب من دون أن يكون لديك ذهب، لا يوجد تعريف محدد للموهبة، لكنها كأي شيء في الحياة، يمكن تنميتها وجعلها أفضل حالاً، الموهبة هنا هي رأسمالك الذي عليك استثماره وتنميته، كي تستطيع التميز في مجالك.

مراحل مهمة
تمر الموهبة بثلاث مراحل مهمة، وهي: مرحلة الهواية، مرحلة الظهور، مرحلة الاحتراف. الهواية وهي أن تمارس موهبتك في أوقات الفراغ كنوع من التسلية، فقط لأنك تحبها، أما مرحلة الظهور فتبدأ حينما تعرض أعمالك على الناس وتسمع استحسانهم لموهبتك، أخيراً مرحلة الاحتراف وتبدأ في جعل هذه الهواية مهنتك.
تكمن قدرتك على توظيف موهبتك في مدى ملاءمة حالتك الذهنية للشحن، فغالباً ما يكون الإنسان أكثر إبداعاً في المرحلة الأولى، لأنه ينظر إلى الموضوع على أنه لعبة يمارسها وقت فراغه، ويكون مستمتعاً بها، حتى إنه ينسى الوقت وهو يمارس هذه الهواية، بينما يحسب الوقت بدقه وهو يعمل.
ثم يبدأ نجمك يظهر وتلمع في هذه الهواية، وحين تأتي مرحلة الاحتراف يصبح الإبداع واجباً يومياً ثقيلاً لا بد أن تنتهي منه، وكأنه واجب مدرسي، وهنا يبدأ الإنسان في التملص من أداء هذا الواجب، كالهروب من عمل الواجب المدرسي تماماً.
لكنك لو حاولت أن تضع نفسك في الحالة الذهنية الأولى أي النظر إلى الموضوع وكأنه لعبة أو هواية محببة، سيصنع هذا التفكير فارقاً ملموساً في إنتاجك، تذكر دوماً كيف كانت نظرتك لموهبتك في المراحل الأولى، واجعل هذه هي نظرتك لعملك، فالإبداع ليس وظيفة، بل هواية تستمتع بممارستها.

قيم موهبتك
لا يمكنك الحكم على نفسك بالنجاح، لأن الإنسان بطبعه يرى أنه الأفضل، ويحيط نفسه بمن يمتدحونه طوال الوقت، إلا أنك ربما لا تكون كما تظن، حيث أثبتت دراسة نفسية أجريت في جامعة أميركية، أن المبدعين الحقيقيين لا يرون أنفسهم كذلك، وأنهم يعرفون ذلك من خلال حكم الآخرين على أعمالهم.
لذلك اعتبر نفسك دائماً تحتاج إلى أن تطور من موهبتك، وأنه لا يزال لديك الكثير لم تخرجه، ذلك يطيل عمر الإبداع لديك، ولا يأخذ دورته الطبيعية ويفنى، بل يبقى متجدداً، لذلك نجد أن كثيراً من الفنانين في هوليوود يستعينون بطاقم من المستشارين كي يشيروا عليه، فتقييمك لموهبتك مهم لتطويرها، اسأل نفسك، والآخرين، هل هذا جيد أم رديء؟ وتقبل التقييمات، واعمل عليها.


راقب ردود الأفعال على موهبتك، واعمل لها ألف حساب، استشر من تعتقد أنهم يفهمون في موهبتك، وضع لتعليقاتهم ألف اعتبار، لو اعتقدت أنك الأفضل وأن الآخرين لا يفهمون، فاعلم أنك تهبط إلى القاع ببطء.


عليك الأخذ برأي المتخصصين ومن تثق بخبراتهم، فهذا سيجعلك تتقدم أكثر، فلو لم تتقدم إلى الأمام، ستجد نفسك تتراجع، وستجد أن الكثيرين ممن ينافسونك في مرمى السباق قد تعدوك. تخيل أن هجوماً عنيفاً قد شن عليك من قبل مصاصي دماء، وهم يطاردونك لامتصاص الإبداع من دمك، بالتأكيد قابلت أحداً منهم في حياتك، وهؤلاء نوعان: الأول شخص غير موهوب، ولا علاقة له بأي نوع من أنواع الإبداع، تجده يستوقفك، وينصحك بأشياء سخيفة خاطئة، ويلعب دور الناقد من دون أن تطلب منه، وذلك ليشعر نفسه بأنه مهم. أما النوع الثاني فشخص موهوب وله علاقة وثيقة بالإبداع، يعمل بنظام تكسير مجاديفك، وإخبارك أنك غير موهوب، والسبب معروف طبعاً، لأنك ستنافسه في إبداعه وهؤلاء نجدهم بين أصحاب الموهبة الواحدة (كار واحد) فهم يسعون إلى تدمير موهبتك. النوع الأول يدمرك من دون قصد منه، أما الثاني فيكون متعمداً ذلك.

أفكار جديدة
إذا بقيت الأفكار في رأسك ستبقى مانعة لأي فكرة جديدة من الدخول، أفرغ ما في عقلك لتحصل على الجديد، العقل يشبه وعاء مليئاً بالماء، والماء هو الأفكار، فعندما يمتلئ عقلك بالأفكار لا ينتج جديداً إلا إذا أفرغت ما فيه، إذا كانت لديك أفكار كثيرة أخرجها على شكل قصة، رسمة، قطعة موسيقية، عمل تريد أن تكمله، افعل ذلك حالاً، وستجد أن مساحة العقل لديك اتسعت، وبدأت تتدفق أفكاراً جديدة، إذا جاءك أحدهم يطلب نصيحتك في موهبة أنت تمتلكها، لا تبخل عليه فهو يقدم لك خدمة جليلة، وهي أنه يفرغ الماء من الوعاء الخاص بك، لتنساب إلى عقلك أفكار جديدة، فأفضل وسيلة لتدفق الموهبة هي تعليمها لشخص لديه شغف بها.