دوالي الحوض أو دوالي الرحم أو وريد المبيض، سموها ما شئتم، لكن تذكروا أن ثلث النساء في العالم يُعانينها، في حياتهنّ. ماذا عن الأعراض والتشخيص؟ هل يدعو الأمر إلى القلق؟ وهل من علاج نهائي لهذا المرض المنسي؟

لفت كلام الاختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد، الدكتور فيصل القاق، كثيراً من النساء اللواتي سمعنه وهو يتحدث، في إطلاق مركز الصحة الجنسية المتكاملة للنساء في الجامعة الأميركية في بيروت، عن مشاكل كثيرة تمرّ بها النساء. هو تحدث وهنّ سألنّ. وتكرر السؤال حول «دوالي الرحم». فماذا عنه؟ سؤالٌ لا بُدّ من التوسع فيه.

أسباب
يفترض في البداية، وقبل البحث في نوع العلاج، استبعاد وجود سرطان عنق الرحم، ويتحقق هذا عبر فحص دم روتيني، بسيط جداً، في المختبر. بعد ذلك، لا بُدّ أن تبدأ النساء في طرح مجموعة أسئلة: من أين أتت هذه الدوالي؟ ما أسبابها؟ وهل الآلام المزمنة في الحوض سببها هذه الدوالي بالذات؟
تتنوع أسباب آلام الحوض، وأبرزها حدوث تضخم في الدوالي يظهر حين تضعف الصمامات الموجودة في الأوردة التي تساعد على إعادة الدم للقلب، فلا تعود قادرة على الإقفال بشكل صحيح، مما يجعل الدم يتدفق إلى الوراء، نحو أوردة الحوض، مسبباً انتفاخاً في الأوردة وضغطاً شديداً على الحوض. وقد تتطور الحالة وتؤثر في الرحم والمبيض عند 15% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و50 عاماً، ويعانين وجود دوالي في الحوض.
فلنشرح الأمر بشكلٍ أكثر تبسيطاً: تنقل الشرايين الدم الغني بالأكسجين من القلب إلى كل الجسم، وتحمل الأوردة الدم مجدداً نحو القلب، ويُصبح صعباً، حين يحصل الخلل، نقل الدم في الأوردة، بالجاذبية، من الأسفل إلى الأعلى وهذا يجعل الدم يتراكم في الأوردة المحيطة بالمبيض، فتنتفخ وتضغط على الأعصاب القريبة وتسبب الألم.

تقنيات جديدة
التشخيصُ ليس سهلاً، لأن النساء يستلقين عند إجراء الفحص، مما يُخفف الضغط عن الأوردة، ويصعب اكتشاف حدوث انتفاخات فيها واحتقان. لكن، الفحوص الإضافية، لا سيما التشخيص بالموجات فوق الصوتية، كفيلة باكتشاف المشكلة، وحينها قد يلجأ الطبيب إلى وصف الأدوية الهرمونية التي يمكن أن تقلل من تدفق الدم واحتقان الدوالي. وقد يعتمد الطبيب إجراء علاجياً آخر يكمن في إدخال أنبوب بلاستيكي في الوريد، مستخدماً في هذا الإجراء الأشعة السينية وتقنيات خاصة أخرى لعلاج الدوالي ولإغلاق الوريد المصاب ومنع دخول الدم الوعاء الدموي. وهذا لا يستلزم إحداث شقوق بل يكفي إدخال الدواء عبر الوريد.
آلام الدوالي المتضخمة في الحوض ليست «مزاحاً» ولا بسيطة، بل قد تكون مؤلمة أو مؤلمة جداً. لكن هل كل النساء معرضات أم أن هناك من هنّ معرضات أكثر من سواهن؟ تؤدي حالات الحمل المتكرر إلى توسع الأوعية الدموية في الحوض حتى تصبح شبيهة بالدوالي الموجودة في الساقين. وهنا تحدث طبعاً المشكلة ويظهر الخلل. ونُذكّر بأن هذا التطور الصحي قد لا يسبب آلاماً لدى كل النساء، أو قد يسبب آلاماً متفاوتة الدرجات، لأن بعض النساء قد يكنّ أكثر حساسية من سواهنّ للألم والضغط الذي تسببه هذه الأوردة المتضخمة.

أسباب أخرى
المفارقة في «دوالي الرحم» أنه يُعدّ مرضاً منسياً، ونادراً ما يُفكر فيه الأطباء حين يُسألون عن مشاكل في الحوض والرحم والمبيضين، وآلام متكررة أو مزمنة في أسفل البطن. لذا نادراً ما يُصار إلى اكتشاف مثل هذه الحالات باكراً. فإذا كان المرض منسياً فليس معناه أنه غير موجود بل معناه أن بعض الأطباء قد يبحثون عن أسباب أخرى كثيرة، قبل أن يتوقفوا عند حالات «دوالي الرحم». فلتعرفن أنتنّ عنه ولتسألن أطباءكنّ. لِمَ لا. الأمر لا يحتاج سوى إلى سؤال.