اتخذت مصممة المجوهرات ومدرسة الرياضيات والإحصاء في جامعة سيدة اللويزة في لبنان، علا الشامي، من هوايتها في كتابة الشعر وسيلة لتعود بها عبر آلة الزمن إلى الوراء، وتستخدم بعض أبيات كبار الشعراء في تصاميمها. ومن خلال مشروعها الذي أطلقت عليه اسم «قصائد»، تبرز الشامي جماليات الخط العربي على قطع المجوهرات، وأحياناً أخرى من خلال ما تكتب هي من أبيات لجذب الانتباه إلى جمال تصاميمها، ليس شكلاً فقط وإنما من خلال مضمونها الذي يعبر عن مشاعر إنسانية عميقة المعنى.

* من أين تستلهمين أفكار تصاميمك؟
من فن الخط العربي، حيث الحروف تتشابك مع بعضها في لوحة فنية. لذلك نختار التصاميم التي تبرز جمال ذلك الخط، بل تلك التي تزيده جمالاً. كما تلهمني أيضاً المرأة العربية خاصةً المرأة العاملة التي تهتمّ بجمالها وبنفسها بالرغم من الصعوبات التي تتعرّض لها خلال مشوار حياتها اليومي.

* هل تكتبين أبيات الشعر وفقاً لرغبة العملاء؟
البعض يأتي وبجعبته بيت من شعر يفضّله أو يعني له شيئاً، سواءً لشعراء كبار كالمتنبي والحلاج ومحمود درويش وغيرهم، وهناك من يطلب منّا المساعدة، فنرسل إليه لائحة بالأبيات الشعرية التي تلائم المناسبة كأعياد الميلاد، أو أعياد الزواج، أو تخرّج وهكذا.

فكرة جديدة
* لماذا تكوّن أبيات الشعر هوية تصاميمك؟
هي فكرة جديدة لم تُقدّم من قبل، لذلك تلاقي رواجاً، إذ إنّها تعبّر عن مشاعر الإنسان تجاه الآخر، هناك من الأفكار والجمل ما نشعر بأنها قريبة جداً إلى قلوبنا، وأنه علينا أن نكتبها في مكانٍ ما لنتذكرها دوماً، سواء على ورقة أم في دفتر، أم على المجوهرات كما نفعل نحن في «قصائد»، والشعر هوية تصاميمي، لأنني أهوى الشعر العربي، وأعشق اللحظة التي أدرك فيها عظمة أن تعبّر جملة صغيرة من عدد معين من الكلمات عن مشاعر الإنسان، إذا فكرنا في كلمات اللغة العربية التي تتعدّى الـ12 مليون كلمة، وفي محاولتنا لتركيب الجمل من تلك الكلمات، لا بدّ لنا أن نمجّد الشعراء الذين يختارون الكلمات الصائبة من بين تلك الملايين ويضعونها في المكان المناسب فتتكوّن أجمل العبارات وأجمل القصائد.

* ما مشروع «قصائد» والهدف منه؟
هو مشروعي في نقل الشعر من مكانه على الورق إلى المجوهرات والحلي، وأطلقت عليه اسم «قصائد»، بهدف التزاوج الفكري بين الشعر والتصميم والثقافة والخط العربي، إذ إنه يبرز فكر من يرتديه، ويبوح بما يختلجه من أحاسيس، إنها طريقة جديدة للتعبير عما نشعر به خارج المعتاد، بعيداً عن الورق، وأقرب إلى الجسد، مشروع «قصائد» جعل القصيدة تُرتَدى. وهذه القطع لجميع الأعمار ومصنوعة من الذهب والفضة وأحياناً من النحاس المطلي بالذهب.

*ما الرسالة التي توجهينها من تصميم المجوهرات عن طريق أبيات الشعر؟
إلى تقريب الشعر من الناس، لا سيّما من الجيل الجديد، الذي بات بعيداً عن لغته الأم والهدف هو تعريفهم بالشعراء الكبار، الذين تركوا بصماتهم في تاريخ اللغة العربية وتراث الأمة العربية. وعندما يقدّمون هذه التصاميم هدية للشخص الآخر يفرح بها الطرفان، لا سيّما المتلقي، لأنها هدية خاصة ومميزة تشبه أفكاره.

* هل فكرت في تصميم المجوهرات والحلي من دون أبيات شعر؟ وهل يحد ذلك من إبداعك كمصممة؟
لا، أبيات الشعر هويتي في التصميم، ولن أتخلّى عن تلك الهوية ما حييت. ولا أعتقد أن يحدّ ذلك من إبداعي كمصمّمة، وهنا يكمن التحدّي في خلق تصاميم جديدة تليق بالشعر أكثر، تصاميم تليق أن تتربّع عليها كلمات كتبها نزار قباني، أو محمود درويش أو غيرهما. وعند تصميم هذه القطع أشعر بثقل المسؤولية في أن يضاهي التنفيذ والتصميم هذه الأسماء العريقة التي تزيدنا غنىً، والتي تشكّل إرثاً يجب المحافظة عليه.

الشابات هن الأكثر
* من أكثر فئة تطلب هذه التصاميم؟
النساء الشابات هنّ أكثر من يطلبن هذه التصاميم، سواءً لهنّ أو لكي يقدمنها هدية للرجل، فضلاً عن أن تصاميمنا للرجل عليها أيضاً طلب كبير لأنها جديدة في السوق العربية، فالرجل الشرقي يحبّ أن يرتدي ما يعبّر عنه.

* أي الألقاب أحب إلى قلبك: أستاذة جامعية، شاعرة أم مصممة مجوهرات؟
ربّما الأحب إلى قلبي هو الشاعرة، إذ إنه أكثر ما يشعرني بأنني قريبة من الناس ومن قلوبهم وأحاسيسهم. فعندما أنظم الشعر أكتب منهم وعنهم ولهم. وعلى الوجه الآخر فإنني أعشق مادة الرياضيات، وأحاول أن أنقل ذلك العشق والشغف إلى الآخرين، لا سيّما في الجامعة، سواء في الكتابة، أم التصميم، أم التعليم الهدف دوماً واحد وهو نقل الشغف إلى الآخرين علّهم يشعرون به أو حتى بالبعض منه.

* أي أنواع الشعر تفضلين؟ وأنواع الشعر الأكثر طلباً؟
عندما تكون الصورة جميلة والتعبير جميلاً، كلّ أنواع الشعر مفضلة لديّ. لكن عندما أكتب، أفضّل الشعر الحديث الحرّ غير المقيّد بشيء لا قافية ولا وزن ولا بحر. أمّا في «قصائد»، فالشعر الأكثر طلباً هو شعر محمود درويش، لا سيّما العبارات المتعلّقة بالأحلام والحياة.