قصّة تستحق أن تُروى. الزمن، الخمسينات. المكان مدينة وهران التي كان أغلب سكانها وقتها من الإسبان والأندلسيين الهاربين من محاكم التفتيش المقدس أو المطرودين في آخر حملة (1609). اسمه خوسي أورانو، أول وآخر مصارع ثيران من أصول وهرانية، وهو من أشاع الكوريدا في مدينته. اسمها أنجلينا أموندين، ابنة وهران ذات الأصول الأندلسية العربية، غجرية راقصة، مرتبطة عميقاً بحريتها وكرامتها. لا تنسى أبداً أجدادها من الغجر الذين كانوا ضحايا هولوكوست منسي، مارسته النازية ضدهم. فأبادت أكثر من مليون شخص، ماتوا تحت التعذيب وفي غرف الغاز والمحتشدات المشؤومة. كل شيء بدأ في 1954 عندما ذهب خوسي لحضور إحدى منازلات صديقه المتادور أنطونيو دي غاليثيا، في كوريدا وهران. يلتقي عند البوابات الكبيرة، بمجموعة من الغجر، كانوا يرقصون في انتظار فتح حلبات مصارعة الثيران. يعرفه أحد العازفين فيسحبه نحو عمق دائرة الرقص، ليتعرف الجميع إلى خوسي لا بوصفه مصارعاً للثيران، ولكن راقصاً أنيقاً. كانت الغجرية أنجلينا هي من شاركته الرقصة العنيفة، فتسقط في غرامه، الذي انتهى برفضه قتل الثور. تكبر العلاقة بينهما بسرعة، وتحمل منه. زوجها غارسيا، الذي افترقت معه واختارت حياتها مع خوسي، يظل يطاردها. حتى خوسي، الذي خضع للتربية الفرنسية، لم يتخلص من نظرته الفوقية للغجر والعرب، فتتركه في النهاية وتتفرغ للبحث عن والدها زباطا الذي اختار مساعدة الاستقلاليين الجزائريين. بعد أن أثبتت له أنه هو أيضاً ليس من كاراكول (أي الحلزون. تسمية عنصرية كان يطلقها الفرنسيون على الإسبان)، وتغيب أنجلينا من الحي.
لقاء خوسي بالمناضل الوطني أحمد زبانا، غيّر الكثير من يقينياته، فيكتشف فجأة أن العالم أكثر تعقيداً، وأنه عليه أن يركض وراء أنجلينا قبل أن يخسرها نهائياً. صديقه خمينيث وزوجته هيلينا عرفا كيف يحافظان عليها. يلتقيها من جديد وقد ظهر حملها. وتحضر مقابلته الأخيرة قبل اعتزال الكوريدا، لكن الأقدار التراجيدية، شاءت غير ذلك. فيموت في اللحظة التي ظن فيها أنه انتصر على الثور روكا نيغرا (الصخرة السوداء) الذي يقوم من دمه ويدخل قرنه في خصره، فيموتان معاً. وعندما كانت أنجلينا عند باب فندق مارتيناز، تحتفل في صباح أول يوم استقلال، يغتالها زوجها الأول غارسيا الذي كان قد انتمى للحركة السرية المسلحة.
إزميرالدا، ابنتهما الوحيدة، عرفت كيف تروي قصة والديها في مدينة لم تكن كباقي المدن: وهران.