قد تراودك فكرة مقرفة عند سماعك عن إمكانية أن يتلقى إنسان براز إنسان آخر بهدف العلاج. ولكنه أمر حقيقي إذ يعتقد مجموعة من الأطباء بأن استخدام مزيج طبيعي من البكتريا  المتوفرة في البراز قد يساعد في القضاء على جراثيم الأمعاء التي تفتك بالجهاز الهضمي.

يقول الطبيب جوليان سكانزي من مستشفى كليرمون-فيران المتخصص في أمراض الجهاز الهضمي: "نسجّل عادة بعد العلاج بنقل البراز حالات شفاء تام بنسبة 90 %، في حين أن هذه النسبة تراوح بين 30 و40 % مع المضادات الحيوية لهذا النوع من التهاب القولون المزمن وهو علاج يبلي بلاءً حسناً".

ومعروف منذ زمن بعيد أن البراز يتمتّع بمزايا طبية. فخلال القرن الرابع في الصين، كان يوصف الغائط لمعالجة حالات التسمّم الغذائي والإسهال الحاد. لكن كان لا بدّ من الانتظار حتّى العام 2013 عندما أثبتت دراسة هولندية علمياً منافع هذا العلاج.
وتجرى اليوم حوالي مئتي دراسة حول العالم بحثاً عن تطبيقات جديدة ومروحة فالإمكانيات واسعة جدّاً لمعالجة عدة أمراض إبتداءاً من متلازمة القولون العصبي والتهاب القولون التقرحي وداء كرون وصولاً إلى البدانة والسكري وباركنسون والزهايمر، وحتّى التصلب اللويحي والتوحّد والحساسية على الفول السوداني.
 
مشكلة التقزز
فوكهارد كيمبف، مدير معهد أبحاث الأحياء الدقيقة في فرانكفورت مقتنع بفاعلية نقل براز الغير وبأن البكتريا المفيدة داخل هذا البراز تحد من انتشار الجراثيم الغادرة وأن إعطاءها للمريض يساعد على عودة نشاط البكتيريا الحميدة في أمعاء الإنسان إلى طبيعته.وبالنسبة لمشكلة " التقزز والنفور النفسي" من هذا العلاج قال: " يتم تخفيف مئة إلى مئتي غرام من "البراز المتبرع به" باستخدام خمسين مليمتراً من محلول ملحي ويتم إعطاء المريض هذا المحلول عن طريق منظار شرجي في الأمعاء الغليظة أو إدخالها للأمعاء الدقيقة عن طريق منظار أنفي. ولكن هناك ما يثير قلق الأستاذ الألماني أكثر من الرائحة المقززة للبراز حيث يخشى أن ينقل هذا البراز معه أمراضاً "فالبراز يحتوي على مزيج معقد من البكتريا المختلفة، ويكاد يكون من المستحيل معرفة أي هذه البكتريا حميد وأيها خبيث".

وهو أمر يؤكد عليه البروفسور هاري سوكول من مستشفى سانت-أنطوان في باريس، إذ يقول :"بيئة البكتيريا في الأمعاء تؤثر على عدّة أمراض من دون أن يكون لها بالضرورة دور في كلّ هذه الأمراض. واليوم لا نزال في بداية أبحاثنا لمعرفة أي جزء يتمتّع فعلاً بمزايا علاجية، فالعملية  دقيقة ولا بدّ من تفادي نقل عنصر يسبب المزيد من الأمراض".
يشار إلى أن عدة  شركات في الولايات المتحدة  مهتمة بأمر هذه الدراسة إذ تم فتح أول بنك للبراز أبوابه في العام 2012.