محلقة في آفاق اللا مألوف، تألقت عذراء خميسة، الطبيبة والمصممة وخبيرة فن الحناء، بكسرها النمطية والركود في المشهد المحلي والتقاليد الثقافية، لتراث زينة المرأة العربية عبر خلق مسارات مختلفة ومتمردة لاستعمالات نقوش الحناء التقليدية في محاولة لإعادة تفسيرها، وإضفاء لمسة من الوعي الجمالي على مفاهيم الحداثة.

ولدت عذراء، وهي طبيبة تقويم عظام وعلاج طبيعي ومصممة، في كندا، وترعرعت في دبي ثم درست الطب في أستراليا، هذا التنقل في المناخات الثقافية والأكاديمية المتنوعة أضاف إلى تجربتها الفنية الكثير، وتقول: «لم أتخلَّ عن هويتي العربية، لكن معرفتي بعدة مجتمعات دفعتني أكثر إلى العودة للجذور من خلال الحناء واستحداث فن يجسد الروح الحقيقية للتراث، ويمزج بمهارة إحساس التاريخ مع الذوق العالمي الحديث كلغة تستلهم جمالية البيئة العربية».

لم تجذبني
بدأت عذراء رحلتها الفنية من خلال شغفها بتصميم الأزياء والحقائب، لكن سرعان ما وجدت في الحناء ضالتها: «المفارقة أن الحناء لم ترق لي أبداً في صغري، وكنت أمد يدي بإهمال (للحناية) لتضع عليها النقوش عندما كنا نستعد للمناسبات السعيدة والأعياد وغيرهما، إذ لا يزال هذا الطقس يمثل جزءاً كبيراً من احتفالاتنا في منطقة الخليج والشرق الأوسط».

اكتشاف
تعرفت عذراء إلى فن نقش الحناء من زاوية أخرى واكتشفت ثراءها الجمالي أول مرة خلال جلسة تصوير للحقائب اليدوية التي تصممها  في عام 2016، تحكي: «كانت هناك فعالية لنقش الحناء، فرأيت الإبداع الذي يكمن فيها وسحرها، وانتابني الفضول لاكتشاف سر وقوع النساء في غرامها». تكمل عذراء حديثها بالقول: «منذ تلك اللحظة، بدأ اهتمامي بها فقرأت الكثير عنها وعن تاريخها، فإضافة إلى فوائدها الصحية في تبريد الجسم وتغذية الشعر، فقد استعملتها نساء المنطقة العربية منذ قرون  في شكل رسوم هندسية ونقوش لتغطية اليد أو القدم بأكملها وتجميل الجسم، وتختلف النقوش من منطقة إلى أخرى، بيد أنها ظلت صامدة لأجيال، صراحة لم تجذبني نقوشها التقليدية ففكرت في ابتكار شيء مختلف».

تجديد
لتحقيق رؤيتها التجديدية للحناء، سعت عذراء إلى تغيير الأشكال والتقنيات التقليدية في الحناء عبر التمرد على النقوش المعتادة (الدائرة والهلال)، منتقلة إلى مدرسة فنية جديدة خاصة بها تعمل على التأسيس لها عبر استنطاقها لجماليات الحناء، تشير بالقول: «وجدت نفسي شغوفة بكل ما يتعلق بها وعملت على توظيف موهبتي في التصميم في ابتكار أشكال أخرى من النقوش غير المتوقعة أو المطروقة، ووجدت أنها تعبر تماماً عن الجانب الإبداعي في شخصيتي وتخرج طاقاتي الكامنة منه». مبينة: «هدفي هو تقديم الحناء للأجيال الحالية والقادمة في قالب حداثي يحافظ على سيرتها التراثية، وفي نفس الوقت يجعلها مواكبة للعصر».

تناسق وانسجام
لم تغب مهنة الدكتورة عذراء خميسة، كطبيبة، في ممارستها لفنونها: «أنا معالجة يدوية (الكيروبراكتيك) ومصممة حقائب وفنانة لنقش الحنّة؛ كل ما أمارسه ينسجم مع بعضه البعض ويعبر عن ذاتي، وعلى الرغم من أنني أعمل عبر عدة منصات، ولكن كل هذا يصب من أجل الجسم راحته وجماله». قدمت عذراء الكثير من تصاميم نقوش الحنّة الجذابة، من أشهرها قفاز البدر، ونقشة الفهد وتصميم الورود الذي استوحته من حديقتها والكثير من الروائع التي لاقت إقبالاً كبيراً لدى كثير من معجبيها، وتحلم بفضل وجهة نظرها وتوجهاتها غير التقليدية في الحناء والتصميم والطب بأن يصل إبداعها إلى كل بقاع العالم.