خيم الصمت على الجميع، القلوب مرفرفة بين الصدور، في وجل وأمل، العيون معلقة بالشاشات الكبيرة المنتشرة في كل مكان، وعلى الهواتف الذكية. دقائق صمت تتحدث ببلاغة الموقف، رغم أنها دقائق في حساب الزمن، إلا أنه انتظار لطموح قائد فذّ، حلم يوماً ما.
انطلقت المركبة الفضائية نحو المحطة الدولية، حاملة معها أمل الإمارات وأحلامها بارتياد الفضاء، بالإسهام في تطوير العلوم، بالتحول من مستهلكين لمنجزات الآخرين في العلوم والمعارف، إلى صانعين لها. انطلقت مع المركبة أحلام الإماراتيين وشوقهم للإبداع في مجال جديد، هفت القلوب لاختراق مدارات المستحيل، بتحويل الأحلام إلى واقع، من صناعة الحلم إلى تحقيقه، هناك في الأعالي.
بعد الصمت والترقب عمّت الفرحة، علا التصفيق، فحدث الانطلاق كان مناسبة مجتمعية، تحلق فيها الجميع ما بين أسر اجتمعت معاً للمتابعة، وطلبة مع معلميهم، عامّة الناس بمختلف جنسياتهم تابعوا الحدث في المراكز التجارية. إنجاز المنصوري إماراتي، الأمل عربي؛ ليتحدث لسان الحال بأن من يهتم بالعلوم والمعارف؛ لتكون جزءاً من التعليم والحياة، من خلال فعاليات مجتمعية مختلفة للطلبة، من خلال برامج إعلامية متنوعة للكبار، سيثمر عمله.
رغم أن هزاع المنصوري - مع انعدام الجاذبية - يشعر بأنه يطفو، كأنه ما بين الحلم واليقظة، إلا أنه حقق حلمه الشخصي، الذي هو جزء بسيط، وأول سطر من حلم الإمارات، التي ترنو إلى آفاق الفضاء المفتوح، إلى كواكب أخرى.
حلمك يا أبانا زايد بن سلطان - طيّب الله ثراك - قد صار واقعاً سعيداً، نستظل بسعادته الدانية المبهجة، إذ كنت يوماً قد طلبت من رواد الفضاء - في السبعينات - أن يطلعوك على تجربتهم، فإذا بابن من أبنائك يصبح رائداً، يسطر صفحة مشرقة للإمارات والعرب. كم كان مؤثراً حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بصوته وصل الأرض بالفضاء، الواقع بالحلم الذي صار واقعاً، نقل تحيات القيادة وشعب الإمارات، وأشار للخطوة المقبلة ألا وهي المريخ. وأما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فهو طاقة الحياة والشباب، يحفز بها القدرات الكامنة في كل من يتحاور معه، منذ بدء مشروع ارتياد الفضاء كان داعماً ومشجعاً لرائدي الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي. وبهذا ندرك أن فن صناعة الأحلام، بالإخلاص للحلم والعمل عليه، وفق خطة ذكية، بالصبر والإصرار. هذا هو سرّ الإمارات، إنه الحلم الذي يصير واقعاً مؤثراً، يعطي الحياة معنى، والعيش حلاوة.