كلنا نعرف قصة حدائق بابل، العجيبة السابعة في الدنيا التي نسجت حولها أساطير كثيرة. تشير بعض الدراسات القديمة إلى أنها بنيت في بابل القديمة، أقرب إلى مدينة الحلة العراقية. حدائق بابل المعلقة ليست هي المبنى المميز الوحيد الذي كان موجوداً في بابل وقتها، فقد كانت هناك أسوار للمدينة، ومبنى المسلة التي اندثرت. لكن القليلين من يعرفون ذلك الكم من الحب الذي يتخفى وراء تشييدها.
هناك شبه إجماع على أن من بنى حدائق بابل المعلقة هو الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني، الذي حكم بين 562 و605 قبل الميلاد. كان عاشقاً لزوجته، متيماً بها، كان تأثيرها فيه قوياً. من هنا، ترجع الكثير من الدراسات سبب بناء حدائق بابل إلى زوجته أميتس الميدونية، ملكة بابل، ابنة أحد كبار عساكر التحالف الذي وقف بجانب والد نبوخذ نصر، في حرب والده، ضد الآشوريين. أصيبت أميتس بالكآبة التي سرقت كل سعادتها، ولم يرضها شيء. افتقدت الشهية والرغبة في العيش على تلال بلاد فارس، أو على أرض بابل المسطحة. استدعى نبوخذ نصر مهندسيه المعماريين وفنانيه، وعرض عليهم فكرته التي بدت لهم ضرباً من الخيال. فقد قرر أن يسكنها قريبة من السماء، في مبنى، قصر لا يضاهيه قصر، فوق تل من إبداع مهندسيه، وعلى شكل حدائق بشرفات مطلة على المدى، ترى أميتس من خلالها كل شيء، ولا يراها أحد. وكان ذلك أجمل عربون حب من ملك لملكته التي اعتلت عرش قلبه. كانت المحصلة المجنونة مدهشة.
ذكرها المؤرخ، الراهب والفلكي، برعوثا (أواخر القرن الرابع قبل الميلاد) وصف حجم الحدائق المعلقة، وكيفية وسبب بنائها، وكيف كان النظام المتبع في ري الحدائق. فقد بلغت مساحة الحدائق حوالي 14400 متر مربع، وجاءت على شكل تلة مبنية بشكل متدرج. مكونة من طبقات ترتفع الواحدة فوق الأخرى، حيث يصل ارتفاع أعلى منصة إلى 50 ذراعاً. بلغت سماكة جدران هذه الحدائق المزينة حوالي 22 قدماً، وممراتها مغطاة بثلاث طبقات: الأولى من القصب والقار، والثانية من الطوب، والثالثة غطيت بالرصاص لمنع تسلل الرطوبة، وضعت فوقها كميات كبيرة من التراب، غرس الكثير من أنواع الأشجار التي تريح النفس. صممت الحديقة بطريقة تسمح للضوء بالوصول إلى كل المصاطب والبيوت الملكية. كانت المياه ترتفع إلى قمة الحدائق عن طريق قنوات لولبية صنعت خصيصاً، آتية من نهر الفرات. كل هذا لزرع قليل من السعادة في قلب أميتس. الإبداع في النهاية حب، ولا شيء غير ذلك.