يردني، وغيري من الكتاب الكويتيين، سؤال دائم حول تكرار طرح قضية الاحتلال العراقي للكويت في النتاج الروائي الكويتي. يبدو السؤال كما لو كان اتهاماً بأنه ليس في الكويت موضوع ذو أهمية إلا هذا، حيث لا تكاد تخلو رواية صدرت بعد عام 1991 من إشارة مباشرة أو غير مباشرة للحدث.
بصرف النظر عن أهمية الموضوع وتأثيره في الوعي الجمعي المحلي والخارجي إلى هذا اليوم، فإن الموضوع في حد ذاته مادة دسمة للكتابة، منذ طرحه بصورة عاطفية لا تخلو من التنفيس والانتقام الورقي في مرحلة ما بعد التحرير، وحتى السنوات التالية، حيث بات الموضوع يطرح بشكل أكثر نضجاً ومن عدة زوايا مختلفة. فإذا ما تحدثنا عن بعض الأعمال التي يمتد زمن الحدث فيها فترة تمر في عام 90 فإنه من الضرورة عدم إغفال حدث بهذه الأهمية، لا بد أنه أثر في نفوس شخوص العمل ومصائرهم وسير الأحداث.
أؤمن بأن الأدب مرآة الشعوب، وأن الآداب العالمية لا تكاد تخلو من حدث مهم ذي تأثير كبير في شعبٍ ما، فكم رواية صينية تناولت الثورة الثقافية في عهد ماو تسي تونغ إلى يومنا هذا، وكم رواية إسبانية خاضت في الحرب الأهلية في ثلاثينات القرن الماضي، والمتتبع للنتاج الروائي الجزائري سوف يلحظ تأثير العشرية السوداء بشكل مباشر، وفي الرواية السعودية أثر واضح للمد الديني. نحن لا نتحدث عن حجم الحدث وامتداده الزمني، إنما عن تأثيره ثقافياً في نفوس البشر وأنماط تفكيرهم وسلوكهم.
يسارع البعض يحذر كاتباً ما، بأن فلاناً قد سبقه بالكتابة عن الموضوع الفلاني فما الداعي لتكراره؟ لا تكرار في الأمر سواء كان الحدث خلفية للقصة أم كان هو في حد ذاته القصة ما دام الطرح يتكئ في مجمله على جديد.
يحضرني موقف حدثني عنه أحد الأصدقاء، أن الكاتب المصري القدير محمد المخزنجي أراد ذات يوم كتابة نصٍّ يولي أمر البطولة فيه للرائحة. قيل للمخزنجي: «لكن باتريك زوسكيند كتبَ رواية العطر»، أجاب المخزنجي على الفور: «هو كتبَ عطره وأنا أكتب عطري».
لعل هذا السبب كفيل بأن يبدد فكرة القلق من التكرار لدى الكاتب والقارئ على حدٍّ سواء، متى ما تضمن العمل جديداً يضمن إضافة في موضوع دارج.