تتميز تجربة المخرجة الأردنية وداد شفاقوج، بتوجهها إلى شكل البورتريه في المعالجة السينمائية، والتي بدت ناضجة وهي تغرف من الشكل الوثائقي في حياد عن التجارب السائدة ذات المنحى التلفزيوني، حيث الموضوع عام والوجع إنساني، فاقتحمته بفطنة وإحساس بليغ. تعتبر شفاقوج أن السينما ضرورة وطنية وثقافية، وأن لها قيمة اجتماعية باتت علاجاً لمشكلات الإنسان المعاصر.

• قررتِ دراسة الإخراج، بعد تخرجك في التصميم الداخلي، حدثينا عن تلك البداية؟
بعد حصولي على الشهادة الجامعية الأولى في تخصص التصميم الداخلي من جامعة عمان الأهلية، بدأت العمل في السينما، فلعبت أدواراً متعددة في الأفلام، من تصميم الديكور إلى التمثيل إلى مساعدة في الإنتاج والإخراج. وقدّمتُ أدواراً قصيرة في أفلام عالمية صورت في الأردن، منها الفيلم الكندي (حرائق) الحائز إحدى جوائز مهرجان أبوظبي السينمائي والذي ترشح للأوسكار، والفيلم الأميركي (لعبة عادلة)، فقررت حينها التوجه لدراسة هذا الحقل الفني أكاديمياً، وتوجهت لمعهد (SAE) الأسترالي في عمّان، بعد أن قبلت بمنحة عائدة للمعهد الأم بأستراليا. 

أول تجربة
• ماذا تتذكرين من تجربتك الأولى في الإخراج؟
فيلمي الأول كان (هوية ثلاثة أصفار) وناقش العمل الواقع الصعب لفئة من فاقدي السند الأسري، الذين أمضوا قسطاً من حياتهم في مراكز إيواء ورعاية حكومية، وبذلت جهداً في إيلاء العمل حرفية تنهل من نظريات الفيلم التسجيلي المعهودة في معالجة هذه الظاهرة وطرح أسئلة متباينة في أكثر من اتجاه، من خلال سرد شهادات لفتيان وفتيات وقعوا فريسة التهميش وما تبعه من ظلم اجتماعي. 
• تختارين دوماً موضوعات لها علاقة بالمجتمع ومشكلاته، فما الرسالة التي تحملها وداد وتسعى لتقديمها؟
-  أبحث دائماً عن قضايا واقعية، وأحاول تقديمها مع الاستعانة بممثلين لإعادة تجسيد مواقف مرّ بها أصحاب تلك القصص الحقيقية، خصوصاً عند صعوبة تصويرها كما هي مع روايتهم لها بأصواتهم ونقل تعابيرهم الذاتية، كما في فيلم (إن كنت تقصد قتلي). أقدّم دوما الأفلام التي تحمل رسالة ضد الظلم وانتهاك حقوق الإنسان، فالسينما أداة قوية، لها صوت يصل للمسؤولين، ويغير القوانين، ويؤثر في الأشخاص، فرسالتي تتلخص بأن الفن وسيلتي للدفاع عن المظلومين والمهمشين.
• ما الذي ينقص صناعة السينما الأردنية حتى يشتد عودها وتحتل مساحة أكبر من مجرد محاولات فردية للوصول إلى العالمية؟
-  لا بد من توفر شروط للنهوض بالصناعة السينمائية الأردنية، منها توفر رأس المال ودراسة الجدوى الاقتصادية في مجال صناعة الأفلام، وإيجاد وسائل إنتاج مثل البنية التحتية، كالمختبرات والاستوديوهات والمؤسسات الأكاديمية التي ترفد الحياة السينمائية بالخبرات والطاقات الفنية، ومدن الإنتاج التي توفر كثيراً من التكاليف، بالإضافة إلى إيجاد تشريعات تشجع على الاستثمار في هذا الحقل التعبيري.

فيلم (17)

• عرض فيلمك (17) في الكثير من صالات السينما العالمية، ما الرسالة التي يحملها الفيلم؟
- الفيلم هو استكشاف اجتماعي لحياة ناشئات يملؤهن الشغف برياضة قيل لهن إنها للرجال فقط، ويتابع الفيلم رحلة منتخب كرة القدم الأردني للناشئات تحت سن 17 عاماً، أثناء استعدادهن لبطولة كأس العالم للسيدات، التي نظمتها الـ«فيفا» في الأردن عام 2016، حيث تأتي لاعبات منتخب الناشئات الأردن من خلفيات مختلفة، فكل فتاة منهن واجهت مجموعة تحديات مختلفة كلاعبة في المنتخب الوطني، لكنهن اتحدن بفضل الرياضة لمواجهة تحدٍ أكبر.
• ماذا تقولين عن فيلمك (إن كنت تقصد قتلي) الذي استوحيت اسمه من قصيدة الأخطل الصغير؟
-  الفيلم يحكي قصة ثلاث نساء تم الإفراج عنهن بعد سنوات من التوقيف الإداري، ويرفضن الخروج من السجن لاعتبارات اجتماعية، أقلها الخوف من القتل بداعي الشرف، إضافة إلى افتقادهن المأوى والمقر خارج أسوار السجن، وذلك عن طريق سرد مُدعّم بمشاهد واقعية أعيد تمثيلها ضمن فصول متتابعة على مدار نحو 51 دقيقة. قصدت التركيز على سياق غير مطروق فنياً، لحكايات تتعلق بإجحاف المرأة والانتقاص من حقوقها ومعاناتها والظلم الاجتماعي الذي يلاحقها.
* ما الذي يختلف في إخراج الأفلام الوثائقية عن الروائية الطويلة؟
- الأفلام الوثائقية تلقي الضوء على مشكلات معاصرة، وتوثق أحداث لا نعرف نهايتها، وأهم مرحلة فيها المونتاج وتركيب المواد والمشاهد، وهو ليس بالأمر السهل، أما الأفلام الروائية فهي قصة متكاملة، معروف فيها البداية والنهاية، كل شي جاهز فيها من السيناريو ومدة التصوير، كما أن المونتاج أقلّ، لكنه أعلى في التكلفة الإنتاجية.