تتحدث عن آلة القانون وكأنها قطعة من روحها، فالآلة الموسيقية الفريدة، التي تتراوح موسيقاها بين ثلاثة مقامات موسيقية، وضعت الدكتورة نورة صابر المزروعي في مصاف نجوم الموسيقى، حيث أطلت ضمن أوركسترا ضخمة، كأول إماراتية تجيد العزف على أوتار هذه الآلة.

حكاية نورة مع القانون شيقة وممتعة، مرت بفصول عديدة ولكنها أتت بنهاية سعيدة وقوية، حيث وقفت بعد إطلالتها الجماهيرية الأولى في الذكرى الـ10 لتأسيس بيت العود العربي في أبوظبي، ودموع الفرح والانتصار تنهمر من عينيها، كبطاقة شكر لجمهور غفير استقبلها بالمحبة وودعها بالتصفيق الحار.  

• كيف تصفين مشاعرك وأنت تواجهين الجمهور للمرة الأولى في حفل بيت العود العربي؟
أنا متعودة على مواجهة الجمهور، كوني أعمل أستاذاً مساعداً في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية وجامعة زايد، ولكن أنا اعتدت على نوع معين من الجمهور، وليس بهذا الكم والعدد الهائل الذي كان موجوداً في الحفل، كنت في الحقيقة مرتبكة وسعيدة لأنها أول تجربة لي، وكانت مشاعري مختلطة بين الفرح والخوف، ولكن كان شعوري ممتزجاً بين الفخر والسعادة عند انتهائي من العزف وصفق الجميع لي.

أول إماراتية
• أنتِ أول إماراتية تعزف على «آلة القانون»، لماذا اخترت هذه الآلة تحديداً؟
من اسمها تتسيد آلة القانون بقية الآلات، وفي بعض الحفلات الموسيقية القديمة، ترى أن «القانون يأخذ مقدمة العزف وتصمت الاوركسترا لتستمع إلى الآلة بوضوح، وأنا منذ أن كنت صغيرة كنت أسمع هذه الآلة عندما كانت تغني وردة أو ميادة الحناوي، فلها صفة الانفرادية في عزفها وكنت أستمتع بالاستماع لها، وأذكر أنني كنت آخذ أي أخشاب أتخيلها ريشة، وأضعها بين أصابعي وألفها بلاصق للجروح، وكانت والدتي تسألني ماذا أفعل، فأقول لها أحاول تقليد ماجد سرور.

• ما المعزوفات التي تعزفينها وكم مقطوعة تعزفين وكيف تتدربين؟
«القانون» بالنسبة إليَّ ليست مجرد آلة، بل هي إنسان كأنه شيء يجلس معي ويؤنسني وأتحدث معه، لا يرد عليّ ولكنه حاضر معي، وأنا لا أصنف نفسي عازفة بل مشروع عازفة وبيت العود، يساعدني على أن أكون أول إماراتية تعزف على «آلة القانون». تعلمت عزف النشيد الوطني وبعض أغاني أم كلثوم وفيروز. هناك تمرينات لا تنتهي وما زلت أتمرن إلى الآن، وكل أغنية هي عبارة عن تمرينات متعددة، فإذا تمرنت بطريقة صحيحة ستعزف جميع المقطوعات بسلاسة، فعلى الموسيقيين أن يكونوا صبورين أكثر في تعلم الموسيقى لأنه علم لا ينتهي، هذا إبداع فترى أن كل عازف يعزف ذات المقطوعة الموسيقية ولكن بروح مختلفة، بالنسبة إليّ أعشق الموشحات الأندلسية والقدود الحلبية.

• ما مشروعك الموسيقي، وهل تفكرين في عمل عزف منفصل أو مع فرقة؟
مهما كان العازف مبدعاً، دائماً يجد نفسه بحاجة إلى مزيد من التعلم، كلمة عازفة كبيرة عليّ ولم أتخرج بعد من بيت العود، لأكون عازفة وأستحق اللقب، فما زلت مشروع عازفة وأحاول بكل جهدي أن أمنح وقتاً لبيت العود وللآلة التي إذا منحتها وقتاً ستمنحني النجاح بالمقابل، ينادونني بالفنانة أو المبدعة أو العازفة، لكن أنا لا أريد أن أعيش هذه المسميات حتى لا يصيبني الغرور، أريد أن أبقى نورة فقط.

دبلوماسية
• ما الفرق بين الدبلوماسية والفن؟
دعني أربط الأمرين، لا أشعر بأن الفن غريب عن الأكاديمية، مشكلتنا في العالم العربي أننا نعتمد التصنيفات، فالأكاديمي يجب أن يكون في مكان واحد، ولكن الفن يدخل في كل شيء، وبالنسبة إلى الموسيقى كان الحب من بعيد للآلة يكبر في قلبي وبدأت من الاقتراب من الآلات الوترية، عندما كنت طالبة أدرس الماجستير في أميركا، كنت أبحث عن أي آلة موسيقية في التخت الشرقي، في أريزونا حيث كنت أعيش، لم أجد غير «آلة الجيتار» وبدأت بها، وعالجت غربتي بها، وجاورتني كصديق يشاركني مشاعري، وعندما توجهت إلى بريطانيا لدراسة الدكتوراه وجدت من جديد آلة الجيتار ولجأت لها من جديد، ولكني لم أكن أحبها ولم أستطع تأسيس رابط موسيقي بيننا، ولكن كنت أحب الآلات الموسيقية وعندما وجدت بيت العود ووجدت آلة القانون، ودخلت لأسجل في دورات تدريب «العود»، فوجئت بـ«آلة القانون» فصرخت قائلة: وجدتها.

• ما المسارح التي تحلمين بالعزف عليها؟
بكل صراحة، أنا لا أسعى للعالمية وكل تركيزي أن أستثمر في نورة وإعطاء كل الوقت لهذه الآلة، لإعطائي بالمقابل ما أريده وعندما أشعر بهذا الأمر بأن مستواي أصبح بمستوى أوركسترا، سأمثل دولة الإمارات في كل أنحاء العالم.

• كيف استقبلت العائلة مسألة احترافك للفن؟
في البداية فاجأتهم، فتعلمت لعام كامل في بيت العود، وأول ما عزفته هو النشيد الوطني، فاستقبلني الأطفال باندهاش، وتساءل الجميع: «ما هذا؟ ومنذ متى تعزفين؟»، مجتمعنا بحاجة إلى عدة سنوات لتفهم الثقافة الموسيقية، فلم أستبق الحديث عن اشتراكي في بيت العود، بل وضعتهم تحت الأمر الواقع وشرحت لهم وتقبلوا الموضوع.

• من الناحية العملية والدبلوماسية ماذا بعد الدكتوراه؟
مؤخراً أوقفت العمل مع أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، وفضلت التفرغ لمشروعي الموسيقي، ولمشاريع أخرى أعمل عليها تحتاج مني إلى وقت كبير، وحالياً أعمل مع جهات عديدة لتحقيق فكرة تعزيز ثقافة الموسيقى والفنون عبر التسامح، بدعم من جهات عدة منها معهد التسامح الدولي، وقد شاركت في برنامج دبلوم «خبير التسامح»، وأسعى لأن أعطي لقب التسامح حيوية بالموسيقى والفنون، وأود أن أدمج الجزئين مع بعضهما، وأرغب في تعزيز فكرة استخدام المسرح للفنون بطرق مختلفة عن السائد، أنا طموحة قليلاً فتخليت عن الوظيفة لتحقيق مشاريع فنية.

بطاقة
د. نورة صابر المزروعي
• أستاذ مساعد في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية وجامعة زايد وجامعة أبوظبي.
• حصلت على الدكتوراه في الدراسات الخليجية من معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة.
• أحدث منشوراتها كتاب (العلاقات بين الإمارات والسعودية)، الحائز عام 2017 جائزة العويس للإبداع عن فئة أفضل كتاب نشرته مؤلفة إماراتية.
• تحمل درجة الدبلوم المهني لخبير التسامح الدولي، بجانب ملفها الأكاديمي.