هل هناك علاقة بين الفردانية وظهور ثقافة الخوف في المجتمعات المتقدمة كما يفترض بومان...؟
لعل من الجلي ثبات هذه العلاقة بين ثقافة اللا أمان وشيوع الفردانية، من حيث إن الفردانية إحدى ركائز مفاهيم الرأسمالية (والليبرالية الجديدة)، وفيها تعززت الرغبات الفردانية لدى الأفراد، وهي ملاحظة يعززها انتشار ممارسات رأسمالية متوحشة من مثل ثقافة التأمين على كل شيء، على الحياة وعلى المهنة وعلى جمال الوجه والعينين وأعضاء الجسد الأخرى للرياضيين والفنانين والفنانات من نجوم ونجمات المجتمع، وبلغ الهوس التأميني لدرجة التأمين على التأمين، ودخول التأمين نفسه للمزايدة الرأسمالية في الأسواق، وكأنما هو منتج صناعي يحتاج إلى حماية مع أنه في الأصل مشروع حماية، ومثل التأمين تأتي إغراءات زيادة الادخار عبر تسويق مغريات في الكسب السريع، ويندفع الأفراد بصفتهم الفردية بصور متسرعة وغير عقلانية لطلب الكسب السريع بوصف الربحية حصانة من العوز وزيادة الربحية تعني تأمين المتعة والاستزادة منها، ويرافق ذلك تطلع للتأمين السريع أيضاً، حتى ليسلم الفرد نفسه لقيادة بورصات السوق الحرة، وذلك نتيجة لفقدان الفرد الأمان التقليدي المتمثل تقليدياً في العائلة، تلك العصبة الاجتماعية المثالية التي كانت تمتص المشاعر وتختزنها رصيداً معنوياً يشكل دروعاً رمزية تحمي الفرد من الغير ومن الظرف ومن نفسه بأي هفوة تقع منه أو يقع فيها وكانت العائلة تمثل حزام الأمان.