لوحة فنية جميلة، تفاصيلها مساحات برية مملوءة بالمفاجآت. تلال جبلية خضراء، وشواطئ لازوردية برمال بيضاء، ومحميات طبيعية مدهشة، لديها من التاريخ والحضارة ما يشرح الصدر، تلك هي ماليزيا، لؤلؤة القارة الآسيوية بشمالها وجنوبها وشرقها وغربها.«سلامات تانغ» وتعني مرحباً، أول كلمة تستقبلك بها المضيفات الجميلات، عندما تطأ قدماك مطار ماليزيا، ووجوه مبتسمة تعبر عن مشاعر صادقة ودافئة تدلّ على بداية حسن الضيافة في هذا البلد الجميل.

تقع ماليزيا في قلب منطقة جنوب شرق آسيا، وتتكون من منطقتين هما، شبه الجزيرة المالاوية وصباح وسيراواك، التي تعّدان من ضمن جزيرة بورنيو، يفصل بينهما بحر جنوب الصين، وهي قريبة من كلّ من تايلاند وسنغافورة، وأندونيسيا، وهي من أجمل البلدان الآسيوية في القارة كلها، يقطنها سكان يقدر عددهم بحوالي 31 مليون نسمة، ينتمون إلى عرقيات مختلفة من المالاويين، والهنود، ويعتنق أغلبيتهم ديانة الإسلام، إذ تمثل نسبة المسلمين 60,4% من عدد السكان، أما البقية فيعتنقون الديانة المسيحية والبوذية وديانات أخرى. يوجد في ماليزيا تعدد لغوي كبير، وتعتبر اللغة الماليزية «المالاوية» اللغة الرسمية المتداولة في البلد، تليها لغتان محليتان هما «الماندرين، والهوكيان»، بالإضافة إلى اللغة الصينية التي يستخدمها التجار بكثرة، ولغة «التاميل والملايالم» التي تتداولها بعض القبائل المنحدرة من جنوب الهند. كما يتداول الماليزيون اللغة الإنجليزية بإتقان، ويعتمدون عليها بشكل كبير خاصة في المناطق السياحية للبلد.

تنوع طبيعي وحيواني
تزخر ماليزيا بمحميات طبيعية هائلة، تضم مجموعة من النباتات النادرة، منها الأعشاب الصحية والطبية، ويعود الفضل في ذلك إلى كمية التربة الخصبة التي تغطي مساحات البلد الشاسعة، كما تعتبر واحدة من 12 دولة في العالم، التي تنعم بهذا الكمّ من التنوع الطبيعي والحيواني الهائل لمختلف أصناف الكائنات الحية، حيث أشارت آخر الإحصائيات الجغرافية إلى وجود 300 نوع من الطيور، و700 نوع من الثدييات، و300 نوع من الحيوانات البرمائية، و165 صنفاً من الزواحف، و15000 نوعاً من الأسماك، و300 نوع من الأزهار البرية. يسود ماليزيا مناخ رائع، بطقس دافئ ورطب على مدار السنة، مع هطول كمية من الأمطار شتاء، وصيف حارّ  يتماشى ودفء الشواطئ الرملية المنتشرة فيها على طول السواحل الممتدة للمحيط الهندي.

لا تعتبر كوالالمبور عاصمة ماليزيا فحسب، بل القلب النابض لها من حيث السياحة والاقتصاد والتجارة، وهي من بين المدن التي شهدت تقدماً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية بفضل ما تتمتع به من قطاع سياحي يستقطب الملايين من السياح على مدار السنة، والمتمثل في العديد من المنشآت والمباني التاريخية القديمة، ونجد من أشهرها مثلاً المستعمرة الملكية البريطانية القديمة، ومباني أخرى يعود تاريخها إلى عهد ما قبل الحروب العالمية مثل منارتي بيتروناس، وتعدان من أعلى البنايات في ماليزيا، إضافة إلى الطراز المعماري الجميل الذي بنيت عليه، ومن بين أكثر المعالم السياحية استقطاباً في كوالالمبور كذلك نجد، برج كوالالمبور الذي سمي باسم المدينة، يتيح للزائر التمتع بإطلالة بانورامية ساحرة على المدينة الخضراء، ويوجد فيه مطعم دوار راقٍ، يزيد من جمال المناظر الطبيعية الخلابة التي تزخر بها كوالالمبور.

مدينة المتاحف
من المعالم التي لا بد من زيارتها «محكمة السلطان عبد الصمد التاريخية»، والمبنية وفق الطراز الإسلامي الجذاب، ومزركشة بالخطّ العربي بآيات من القرآن الكريم. وتلفت النظر أيضاً محطة القطار «موريش» التي لا تبدو في جمالها أنها محطة للقطار، بل حديقة غناء تكسوها الظلال الوارفة من كلّ جهة. ومن أبرز المعالم أيضاً مسجد «دلتا النهرين» ذو القبة الضخمة، ونهرا (جومباك وكلانغ) اللذان لا ينقطعان من زيارة السياح طوال الأيام. ناهيك عن وجود مناطق سياحية أخرى تتمثل في «البيت الميلاوي» التقليدي ببنيانه، والقصر الملكي...والعديد من المتاحف، الأمر الذي جعل العديد من السياح يطلقون عليها اسم «مدينة المتاحف».

المطبخ الماليزي
المطبخ الماليزي غنيّ ومتعدد الأنواع ومتباين المذاق، كما أن طريقة تقديمه تتماشى ولمسات فنية تتناسب مع طبيعة الطبق ونوعية الوجبة، وينقسم إلى ثلاث مجموعات رئيسية هي: «مطبخ المالايو»، «المطبخ الصيني»، و«المطبخ الهندي»، ولكلّ واحد منها طريقة خاصة في الطهو، بالإضافة إلى وجود وجبات غذائية وأطباق تمّ ابتكارها من مزج المطابخ الثلاثة. ولعلّ أبرز ما يميز المطبخ الماليزي، كثرة استخدامه للبهارات والتوابل، وأشهر طبق، هو «ناسي» الممزوج بحليب النارجيل وبعض الأعشاب الصحية، وطبق آخر يطلق عليه اسم «سمبل» وهو عبارة عن رزّ مطبوخ، يتمّ مزجه بحليب جوز الهند ويقدم مع صلصة حارة من الفلفل الحار المبشور والمقلي، إلى جانب تقديمه مع لوز مقلي، ودجاج الكاري. وهنالك طبق «الملايو نورد» وهو من أشهر الأطباق ذائعة الصيت في ماليزيا، فضلاً عن طبق «ناسي داكن» الذي يتمّ تحضيره باستخدام الرز المطبوخ على البخار، ويقدم مع كاري سمك التونة، وطبق «ناسي كرابو» ويأتي مع رز مطبوخ بالخضروات والسمك المملح وأنواع التوابل.

مدينة لانكاوي
هي عبارة عن جزيرة جميلة تعتبر من أجمل الجزر الآسيوية جمالاً وسحراً، تقع شمال غرب ماليزيا، وتنقسم بدورها إلى مجموعة 99 جزيرة، أبرزها «جزيرة بولو» المملوءة بالآثار المثيرة للاهتمام، والأساطير المرعبة، وخاصة أنها تضمّ مجموعة نادرة من الطيور العملاقة، وأنواعاً فريدة من الصخور والكهوف ورواسب من العصور القديمة، لم يتم اكتشافها بعد. أبرز ما يميز هذه الجزيرة شواطئها اللازوردية الساحرة بشمسها التي تشعرك بالراحة والطمأنينة طوال وجودك على رمالها، وقد شجعت مرتادي مياهها اللؤلئية وأمواجها الساحرة على ممارسة الأنشطة والرياضات البحرية والمائية كافة، ولمحبي رياضة الغوص كذلك فرصة عظيمة لاكتشاف شعاب شواطئها المرجانية الساحرة، وممارسة هواياتهم تحت أعماق مياهها الصافية.

«صُنع في ماليزيا»
تقام المهرجانات في ماليزيا على مدار السنة، تشترك فيها المراكز التجارية من أجل خلق جوّ ممتع للتسوق، حيث الخصومات الكبيرة في جميع المحلات، مما يوفر للزائرين فرصة ثمينة للتسوق، وهذا ما جعلها مقصداً هاماً ووجهة سوقية مربحة بالنسبة إلى كثير من البلدان، تشتمل فعاليات مهرجان ماليزيا الصيفي، على معرض يحمل اسم «صُنع في ماليزيا» بالإضافة إلى معرض آخر هو «أسبوع الأزياء الماليزية»، الذي يعرض آخر ابتكارات الموضة الآسيوية، بداية من اليوم الرابع لشهر مارس حتى شهر ديسمبر من كلّ عام.