لن يكون الاحتفال باليوم الوطني السعودي الـ89 هذا العام، يوماً عادياً للنساء السعوديات على الإطلاق، فما حصلن عليه خلال السنوات الثلاث الماضية، يساوي الكثير في ميزان رحلة التمكين التي كانت ستستغرق أكثر.

شكلت القرارات التاريخية التي أصدرتها القيادة السعودية بحقهن، نقلات نوعية في عملية تحسين ظروف المرأة السعودية، وتقويض الأغلال التي كانت تكبل حركتها وتقيد حضورها، قبل أن يحلّ موعد حافل بالتحولات الكبيرة في واقع السعودية عموماً، وبما يتصل بكثير من الملفات العالقة كانت في وقت مضى محل لوم ومؤاخذة دولية وحقوقية على الرياض.

تجربة شجاعة
الكثير من ذلك تغير الآن، وخطوات تحسين ظروف المرأة وتطوير واقعها تتهاطل بلا توقف، ملقية الضوء على تجربة شجاعة أخذت تتكشف منذ ثلاث سنوات، استوعبت الكثير من الحقوق التي كانت في قائمة الأمنيات المعلقة بانتظار من يقطفها ويزرعها في تراب الواقع، لكن قراراً سياسياً جسوراً اتخذ من رأس السلطة واستجاب له المجتمع بوعي وهدوء وسلاسة، حقق هذا التقدم اللافت. ولا تزال سلة الخطوات واعدة وزاخرة في سبيل تعزيز المساواة العادلة بين الجنسين، وزيادة رقعة تمكين المرأة السعودية في واقعها ومقاعد المسؤولية.

بداية مبشرة
رغم أن التغيرات الفعلية بدأت منذ وقت مبكر، ففي 14 فبراير 2009 اتخذ العاهل السعودي آنذاك الملك عبد الله بن عبد العزيز، خطوة مبشرة، بتعيين نورة الفايز نائباً لوزير التربية والتعليم، وهي المرة الأولى في تاريخ المملكة التي تشغل فيها امرأة منصباً حكومياً. لكن في العام التالي زادت الخطوات في هذا السياق، ففي 21 فبراير 2010، أعلنت وزارة العدل السعودية السماح للمحاميات بالمرافعة أمام المحاكم للمرة الأولى في المملكة.
وفي 30 أبريل من العام نفسه، نشرت صحف سعودية صورة تظهر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، محاطاً بنحو 32 سيدة شاركن في مؤتمر بمدينة نجران جنوبي البلاد، في وقت شهد جدلاً دينياً حول الاختلاط بين الجنسين. وخلال عام 2013  عادت المرأة السعودية مجدداً إلى الصدارة، ففي 11 يناير، قرر الملك عبد الله بن عبد العزيز تعيين 30 سيدة في مجلس الشورى، بما يشكل خُمس أعضائه، لأول مرة في تاريخ المملكة.

زيادة وتيرة التحولات
لكن وتيرة هذه الخطوات زادت منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم، وباهتمام ومتابعة مباشرة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الراعي الأول لرؤية المملكة 2030 التي تركز على زيادة دور المرأة وتوسع من فرص تمكينها وتعزيز حضورها، أخذت هذه الخطوات تمس الملفات التي تعطلت وتأجلت لكثير من العقود. ففي 12 ديسمبر من عام 2015، شاركت المرأة السعودية ناخبة ومرشحة للمرة الأولى، في انتخابات المجالس البلدية، وتم إعلان فوز 17 امرأة انتُخبن في أنحاء مختلفة من المملكة.
وشكل عام 2017 مسرحاً زمنياً جديداً، لمجموعة من القرارات التي شكلت رمزية عالية في تجسيد النقلة النوعية التي ستحظى بها المرأة السعودية، في مرحلة جديدة تطوي زمناً غابراً من التردد، في 30 أكتوبر عام 2017 أعلنت السعودية السماح بدخول النساء إلى الملاعب الرياضية لأول مرة. وفي 24 نوفمبر من العام نفسه، جرى تنفيذ قرار العاهل السعودي السماح للمرأة بقيادة السيارة (وفق الضوابط الشرعية)، للمرة الأولى في تاريخ المملكة.

تأثير يمس البنية الثقافية
لقد تركت هذه التحولات الجادة تأثيراً في البنية الثقافية، التي تستند إليها الكثير من مبررات الصورة النمطية التي تهضم حق المرأة وتخصم من حظوظها في الواقع، وقد كست التحولات كل البنى والمؤسسات التي كانت عصية وخصماً لرياح التغيير.فصدرت القرارات لصالح المرأة في المملكة وعززت من حقوقها في جميع نواحي التعاملات القضائية، وتأتي ضمن الإصلاحات الاجتماعية التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بعدما كانت محرومة منها لسنين طويلة.
كما صدرت العديد من أوامر التعيين في مناصب قيادية من أبرزها تسمية الأميرة ريما بنت بندر سفيراً للسعودية لدى الولايات المتحدة الأميركية، كما وافق مجلس الشورى السعودي أخيراً على توظيف النساء في قطاعات وزارة الحرس الوطني في الأعمال المساندة.

رفع إسهام المرأة
في 2016 اعتمدت المملكة «رؤية السعودية 2030» وبرنامج التحول الوطني 2020، الذين وضعا تمكين المرأة السعودية أولوية، حيث تهدف خطة «الرؤية» إلى رفع إسهام المرأة في الاقتصاد المحلي من 22 إلى %30، إضافة إلى تقليل البطالة بينهن.