هناك أناس رؤيتهم تؤنس النفس، تجدد المشاعر الإيجابية في الآخرين، وجودهم يضفي لطافة على الجو، تضيف لليوم انتعاشاً، وللروح كمالاً وجمالاً. هم أناس عاديون جداً، لا شيء مختلف فيهم ماعدا وجوههم المستبشرة، المضيئة بالابتسامة، أرواحهم الوّثابة للمرح، مقبلون على الحياة، في صوتهم رنين الفرح. مزاجهم رائق معتدل، طيور التشاؤم لا تعرف لعقولهم طريقاً، يبعدون أنفسهم عن كل ما يعكر صفاء يومهم، يبتعدون عمن تسيطر السلبية على أقوالهم وأفعالهم، لكن إن جلسوا معهم، هبت نسائم التفاؤل والأمل على الجميع.
تفاؤل يتقاطر مدراراً من أحاديثهم الودية، من معالجتهم لهموم الآخرين بتخفيف مبالغتهم، بالحلول السريعة البسيطة التي يقدمونها. تفاؤلهم هو نبع سعادتهم التي يرتوون منها. هو نور مشع في محيّاهم وأيامهم، يضيء لهم دروباً مهما أظلمت الدنيا.
قد يرى الآخرون أن تفاؤلهم مبالغ فيه، زائد عن الحاجة، أكثر من واقعهم الذي لا يساعد كثيراً، لكن يمكن لهذا التفاؤل أن يعينهم على قسوة الواقع وتغييره ولو تدريجياً لما يطمحون. في المقابل ما الذي يجلبه التشاؤم؟ سوى الهم، الحزن، فقدان الدافع للحركة، والانطلاق في العالم.
التفاؤل لا يولد الفرح والأمل فحسب، وإنما يحفز العقل على ابتكار حلول، رؤية طرق أخرى للخروج من المحن والتحديات، تبعد المرء عن الكآبة والحزن، اللذين يتسللان بشكل خفي، معه تثقل الروح، فتخرج الزفرات والتنهيدات حارة مؤلمة.
التفاؤل هو قرين النجاح وأساسه، فإذا أغلق باب فتحت عدة أبواب أخرى للأمل، ربما فيها بداية جديدة، تتيح للإنسان إطلاق طيور أحلامه، تمنحه استقلالية في عمل خاص، تكاسل عن تحقيقه في الماضي.
التفاؤل أغنية الحياة، التي لا بد من أن نرددها دوماً؛ لتكون حاضرة في الأفعال؛ في تفاصيل النهار، في الطبيعة، في السفر، في العمل، مع أنفسنا ومع الآخرين؛ لأنها من سمات الأشخاص المتسامحين أيضاً، فهذا يجعلهم ينعمون بسلام داخلي؛ لأنهم متوافقون مع ذواتهم، محبون للآخرين، يعملون بشغف وحب؛ ليكون العالم أجمل.