هناك نوعان من التراجع في أداء الإنسان، الأوّل هو التعريف التقليدي المتعارف عليه عند الناس، وهو أن يقلّ أداء الشخص مقارنة مع مستوى نشاطه وإنجازه السابق وهذا تصويبه سهل، لأنه واضح كالنهار، ويحتاج إلى خطوة حاسمة بتنبيه الشخص وتوجيهه مرة أو أكثر حسب الحالة قبل اتخاذ خطوات أخرى. ولكن الخطر الأكبر من التراجع الصامت الذي يأتي بصورة أداء ثابت أو معتاد، وبالتالي لا يجد الفرد حاجة إلى تطوير أدائه أو تحريك ساكن فينشغل عن نقاط ضعفه، وهو أمر ينطبق على الأشخاص والمؤسسات والدول.
هذه الخاطرة سيطرت عليّ وأنا أتأمل مضمون رسالة الموسم الجديد التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، مؤخراً وما تبعها من خطوات، وفكّرت طويلاً بكيفية تطبيقها على حياة كل واحد منّا مع ذاته وبينه وبين أسرته ومجتمعه.
في رمستي هذه أفكّر بالطريقة والسرعة التي تتغير بها الدنيا حولنا، فهي هائلة ولا تنتظر أحداً. فما أوصل الإنسان إلى موقعه الحالي وحقق له النجاح ليس بالضرورة أن يكون كافياً لاستمرار نجاحه. لرسالة الموسم الجديد أبعاد استراتيجية شرحتها تغريدات سموه، وأشبعها الكتّاب والمعلقون بحثاً، لكنني هنا أتحدّث عن البعد الإنساني غير الاعتيادي والدرس الذي تضمنته الرسالة.
فإن كانت دولة الإمارات بكل ما حققته من تميّز وتنافسية عالمية توجّه حكومتها بهذا الشكل فلا بد أن يُرسل كل واحد منّا رسالة مشابهة في أسرته ومؤسسته حتى وإن لم يكن موظفاً أو مسؤولاً حكومياً، لأن الحياة التي جعلتها التقنية أسهل ليست في الحقيقة بتلك السهولة، ولكن تحتاج إلى تطوير أسلوب حياتنا وخطتنا في الحياة باستمرار.
ما يميّز دولتنا الإمارات وجعلها تُحقق ما وصلت إليه حتى الآن هو أن قيادتنا تتابع الإنجاز والأداء عن قُرب ولم تكتفِ بوضع الرؤية العامة للعمل الحكومي، ومع كل انطلاقة لموسم جديد من الإنتاجية تأتي توجيهات ورسائل لتعالج مجموعة من القضايا التي تعتبر محورية لتذكير الجميع بأن يضع مصلحة الوطن والمواطن على قمة أولوياته، لأن هذا ما يضمن الازدهار ومواصلة الإنجاز إن أردنا أن نكون الدولة الأسعد والأولى في مختلف المجالات عالمياً.
رمستي هذه لكل أم وأب، ولكل شابة وشاب في مقتبل العُمر أن ينظر إلى حياته على أنها خطة عمل يجب عليها تطويرها باستمرار، ولا بد من مراجعة جوانبها الاجتماعية وعاداتنا الاتصالية في الـ«سوشيال ميديا» مثلاً وسلوكنا المالي والاستهلاكي وطبيعة الاستثمار الذي يمكننا القيام به لتأمين مستقبلنا. الرسائل القيادية العظيمة هي دروس للحياة إن قرأناها في محيطنا. هل أنتم مكتفون بما حققتموه حتى الآن أم ستعيدون قراءة رسالة الموسم الجديد، ولكن هذه المرة لحياتكم.