جاء في الخبر أن الأميركي تايلر إيفانوف، كان يجمع الحطب للتدفئة مع أطفاله على شاطئ في غرب ألاسكا، عندما عثر على زجاجة خضراء مغلقة بإحكام، وما إن فتحها حتى وجد رسالة مكتوبة باللغة الروسية، وبخط اليد، يعود تاريخها إلى عام 1969.
سرعان ما تحمس إيفانوف وشارك صورة الزجاجة والرسالة في صفحته على «فيسبوك»، فترجمها متابعوه: «تحيات حارة من أسطول الشرق الأقصى الروسي. أحيي من يعثر على الزجاجة وأطلب منه أن يرد برسالة إلى جميع أفراد طاقمنا في سفينة سولاك. نتمنى لكم صحة جيدة وعمراً مديداً وإبحاراً سعيداً. 20 يونيو 1969».
انتابني الفضول حين قرأتُ الخبر، هل من كتبها على قيد الحياة؟ وكيف سيكون رد فعله إن عرف أن أحدهم وجد رسالته؟ وهل سيتذكرها بعد كل هذه الأعوام؟ ظننتُ أن الخبر انتهى بتساؤلاتي تلك، ولم أعرف أن وسائل الإعلام اهتمت بالرسالة، وبدأت بتتبع مصدرها لإشباع فضولهم، وفضولي.
بعد أيام قرأتُ خبر العثور على كاتب الرسالة، في مدينة «سيفاستوبيل» الروسية المطلة على ساحل البحر الأسود، وهو القبطان المتقاعد أناتولي بوتسانينكو، البالغ من العمر 86 عاماً، الذي أبحر على تلك السفينة.
استعاد القبطان ذكرياته مع رفاقه حين كتب الرسالة، ولا أظنه توقع حينها أنها ستصل إلى أحد، فذلك لا يحدث سوى في الأفلام والروايات، ولكن ما حدث أمر فاق خياله، فقد وصلت رسالته بعد نصف قرن، وتناقلتها الصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي. ولكن ما السبب الذي جعله يودع كلماته في البحر؟
لماذا نكتب رسائل نعرف أنها على الأرجح لن تصل إلى أحد؟ نكتب أحياناً لأننا نحتاج إلى أن نكتب، أن نفضفض، أن نتسلى، أن نقول، هناك شيء في أعماقنا يريد أن يحكي، تماماً مثل الذي يكتب رسالة ويودعها زجاجة ثم يلقيها في البحر، إنه يدرك تمام اليقين أن البحر لا يعمل ساعي بريد، ورسالته لن تصل إلى من ينشد، كل ما في الأمر أن في صياغة تلك الكلمات تكمن راحته، أو لعله كتبها ليبقى شيء منه في هذا العالم بعد رحيله. هل تراودكم فكرة كتابة رسالة وإيداعها في البحر؟ يا ترى أين ومتى تصل؟