ليلة أمس، كنت، وكعادتي، أمسك الـ«ريموت كونترول» لجهاز التلفزيون، وأقلب بين المحطات بحثاً عن شيء جميل، خفيف، ممتع، أشاهده قبل النوم، وبعد أن تعبت من متابعة آخر الأخبار وتطوراتها وتداعياتها، وبعد أن تعب عقلي، في محاولات يائسة للتحليل من أجل الفهم، من دون فائدة. المهم توقفت عند فيلم «الخطايا» لعبد الحليم حافظ ونادية لطفي، فعلاً الفيلم ممتع إذا تجاوزنا ضعف السيناريو أحياناً، وعدم ترابط ومنطقية الأحداث في كثير من المواقف، وهذه نلاحظها غالباً عندما نشاهد أفلام الأبيض والأسود، إلا أن العمل كان ممتعاً جداً بأغاني عبد الحليم وصوته الشجي الحنون في آنٍ معاً. وتلك البساطة في الملابس والمكياج والديكور، والأهم أن هذا الفيلم وغيره من أفلام تلك الفترة، يصل إليك خلال متابعته، حجم الشغف الذي كان يغلف أداء الممثلين، ولا يمكنك إلا أن تقول إنهم كانوا يعشقون المهنة، ويعشقون ما يقومون به.
ومن دون أن أدري تداعت الأفكار في رأسي، ماذا لو فقد الفن عادل إمام «بعد عمر طويل» من سيبقى للنكتة المحببة القريبة للقلب، والتي حتماً ستخلد، كثير من جمل عادل إمام و«إفيهاته» في أعماله الفنية أصبحت متداولة بشكل ملحوظ، وتختصر مواقف كثيرة، ويلجأ إليها البعض للتعبير عن مشاعره أحياناً. هل سيصبح التمثيل، كباقي مجالات الإبداع في عالمنا العربي، وكأن عقماً أصابه؟ بعد أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب وفريد الأطرش لم نعد نطرب. كما أنه بعد محمود درويش، ونزار قباني، وبدر شاكر السياب، وسميح القاسم، ومحمد مهدي الجواهري لم يعد الشعر شعراً. وبعد رحيل طه حسين، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، لم تعد الكتابة كتابة. وهذا ليس حكماً جائراً إنما وجهة نظر، هناك بالتأكيد أسماء موجودة على الساحة العربية حالياً، لكنها حتماً لا تصل إلى تلك القامات، والهامات الباقية الخالدة.