من بين الأفلام التي تنافست مؤخراً في سباق عيد الأضحى السينمائي، فيلم «انت حبيبي وبس» من إنتاج أحمد السبكي وإخراج أحمد البدري، وبطولة: المطربين محمود الليثي وبوسي، إضافة إلى محمد ثروت وهالة فاخر وصافينار ومحمد محمود ومحمد حلاوة، وهو نسخة جديدة من فيلم «انت حبيبي» الذي أخرجه يوسف شاهين عام 1957، بطولة شادية وفريد الأطرش. ولم يكتفِ صُناع «انت حبيبي وبس» بعرض الفكرة نفسها، وهي زواج أولاد العم حتى يحققوا وصية الجد في التمتع بالميراث، وإنما استعاروا كل أحداث فيلم شادية ومهن الأبطال، مستغلين كل «بهارات» السينما التجارية من غناء ورقص وتمثيل واستعراض وقصص الحب والغرام، والنكهة الكوميدية. السؤال الذي نطرحه هنا، ما الضرورة لإعادة فيلم قديم بنفس الفكرة والقصة والأحداث، وما مبررات هذه الظاهرة؟

صدمة سلبية
يعلق الناقد محمد نصر: «فيلم الليثي وبوسي منقول بكل تفاصيله عن فيلم (انت حبيبي) مع تغيير فقط في أسماء بعض الشخصيات، فـ(فريد) أصبح (زيكو)، والراقصة (نانا) أصبحت (كيتي) وأدت دورها الراقصة الأرمينية صافينار، وكما لحن الموسيقار فريد الأطرش أغاني فيلم (انت حبيبي)، لحن الليثي أغاني (أنت حبيبي وبس) وغنى منها خمس أغنيات منفرداً، كما غنى البعض دويتو مع باقي أبطال الفيلم. ومن حسنات النسخة الجديدة، شخصية صديق البطل، وهو هنا الفنان محمد ثروت الذي يتزوج من صوفينار. المضحك أن إيرادات الفيلم شكلت صدمة سلبية لصنّاعه، إذ تذيل قائمة إيرادات الأفلام التي تنافست معه في موسم عيد الأضحى، مما يعني فشله».

سلاح ذو حدين
يقول الناقد نادر عدلي: «شهدت السينما المصرية إعادة الكثير من الأفلام القديمة التي حققت نجاحاً كبيراً في وقتها، ليتم عرضها من جديد بمعالجة مختلفة، وبعض هذه الأفلام الجديدة حقق النجاح والبعض الآخر لم يحالفه التوفيق. مثلاً هناك أفلام مثل «اذكريني» وهو إعادة لفيلم «بين الأطلال» لعماد حمدي وفاتن حمامة، وقد نجح الأول مقارنة بالثاني؛ لأنه كان ملوناً، ولأن جاذبية الفنان محمود ياسين كانت عالية على الشاشة في فترة السبعينات. وهناك أفلام لم تنجح، فمثلاً كانت جاذبية الفنانة شادية أقوى من أي ممثلة أخرى في فيلم «المرأة المجهولة» ورغم اجتهاد الفنانة شهيرة، في تقديم الدور مرة أخرى في فيلم «وضاع العمر يا ولدي» إلا أن نجاح شادية قطع على أي فنانة تقديم نجاح مماثل. ومن الأفلام التي أعيد إنتاجها ونجحت بشكل كبير، فيلم «الفتوة»، الذي أصبح «سلام يا صاحبي» برؤية مختلفة، وقُدم أيضاً برؤية جديدة في «شادر السمك» للراحل أحمد زكي. وهنالك أيضاً فيلم «أمير الدهاء» إنتاج 1964، بطولة فريد شوقي وشويكار ومحمود مرسي ونعيمة عاكف، وجاء نسخة مكررة من فيلم «أمير الانتقام» الذي أنتج عام 1950 بالقصة والسيناريو والحوار ذاته والمخرج هنري بركات نفسه، وكان من بطولة أنور وجدي، وكان الأبطال هم الاختلاف الوحيد بين النسختين. باختصار، إعادة إنتاج الأفلام سلاح ذو حدين، إما أن تقوم بتلميع نجوم أو إخفائهم، ومن الممكن إعادة تقديم الأفلام القديمة ولكن برؤية مختلفة حتى ينجذب الجمهور لها ويعرف أن هناك جديداً يتم تقديمه».

مقلدون في الإفلاس
يقول الناقد طارق الشناوي: «السينما المصرية تسير في إطار الموجة الجديدة التي فعلتها من قبل مدينة السينما العالمية هوليوود، حيث اتجه عدد من كبار المخرجين لإعادة إنتاج الأفلام القديمة التي حققت نجاحاً جماهيرياً مع الاستعانة بالأجهزة الحديثة، لترتدي هذه الأفلام ملابس عصرية تضفي عليها عناصر التشويق والإثارة، ولكن إذا كانت السينما في أميركا تعيش ومنذ سنوات أزمة فكر، وكأنها استنفدت كل إمكانات الرواية البوليسية والتاريخية، ومسخت كل مفاهيم الحب وحولت الكوميديا إلى مغامرات وجنون ومهاترات للضحك، إلا أنها وجدت نفسها أمام خواء تام وفراغ قاتل، مما دفع باحتكارات السينما للعودة إلى سيناريوهات الأفلام القديمة في محاولة منها للخروج بتقليعة جديدة، فلا يمكن تصور حدوث الشيء نفسه لنا، ونحن ما زلنا بعيدين عن تلك المرحلة، ويجب ألا نظل في إطار المقلدين لهم في كل شيء حتى في إفلاسهم سينمائياً. وأنا لا أرفض فكرة إعادة الأفلام القديمة، ولكن لا بد من أن يكون ذلك برؤية عصرية، وأن تكون قصة الفيلم وأحداثه مواكبة للعصر».

إفلاس درامي واستسهال إنتاجي
تجد الناقدة أميرة أنور أن إعادة تقديم الأفلام القديمة، دون البحث عن أفكار جديدة تتناول حياة الناس المعاشة حالياً، هو إفلاس فني ودرامي واستسهال في العملية الإنتاجية، وهدف لتحقيق ربح مادي لا أكثر، وتضيف: «هو أيضاً استغلال لنجاح العمل القديم، لذلك أنصح من يفكرون في إعادة فيلم قديم، بأن يفكروا ألف مرة قبل هذه الخطوة، لأنهم بهذا سيضعون أنفسهم في مقارنة مع فريق وأبطال العمل الأصلي، والنتيجة لن تكون في صالحهم بل هي (فخ) كما حدث مع محمود الليثي وبوسي، فجاء فيلمهما «انت حبيبي وبس» لا يحمل جديداً».