بعد أن أُهملت إبان الحرب العالمية الأولى لمدة قرن كامل من الزمن، عاد الاهتمام بـ«حديقة هيليغان المفقودة» أوThe Lost Garden من جديد، فالحديقة الرابضة في مدينة هيليغان في كورنوال بالمملكة المتحدة البريطانية، وتمتلكها عائلة تريمين كورنيش منذ القرن الـ18، تعتبر من أجمل الحدائق النباتية وأكثرها شعبية.

أنشأت عائلة النبلاء تريمين كورنيش Cornish Tremayne family «حديقة هيليغان» على مساحة ألفي فدان، خلال الفترة الممتدة من منتصف القرن الـ18 إلى أوائل القرن الـ20، ولا تزال إلى اليوم من ممتلكاتها الخاصة. أهملت هذه الحديقة بعد الحرب العالمية الأولى ودفنت لمدة قرن تقريباً، وزادت فيها النباتات الضارة والأشجار اليابسة إلى أن تم التفكير في إعادة إحيائها في عام 1990، ومنذ ذلك الوقت وهي تحظى باهتمام مستمر من قبل المهندسين والخبراء والمبدعين في مجال زراعة الحدائق وصيانتها، الذين عمدوا إلى هندستها بأسلوب نموذجي من القرن الـ19 يعرف بـ«gardenesk»، وقسموها إلى مناطق مختلفة الأشكال والتصاميم.

ورود عملاقة
تنبسط في الحديقة الزهور والورود النادرة والجميلة، مثل زهور «الكاميليا» العملاقة، وزهور «رودودندرون» التي تمتد على رقعة واسعة من مساحتها بالإضافة إلى العديد من النباتات والأشجار، كما تكثر فيها الجسور غريبة الشكل والهندسة والتي تتميز بضخامتها وارتفاعها الشاهق.

أعمال فنية مدهشة
بسبب تميزها بالغموض الفني، والجاذبية التي تغدقها عليها الأعمال الفنية المدهشة، وسحر موقعها وعمرها التاريخي، ذاع صيت الحديقة النباتية «هيليغان» وتحولت إلى أكثر المناطق جذباً للسياحة في بريطانيا وأكثرها شعبية، يقصدها السائحون من كل بقاع الأرض. وتجمع الحديقة بين الحياة البرية ومحبي النباتات والطبيعة الخلابة والرومانسية، كما يراعي فيها المتخصصون في مجال الحدائق شروط العمل مع الطبيعة وقبولها واحترامها وحمايتها.

الحرب العالمية
تنتشر قصص كثيرة عن «حديقة هيليغان المفقودة» وأشهرها، أنه في نهاية القرن الـ19، كانت الحديقة الساحرة في أوجها، ولكن بعد بضع سنوات فقط، اندلعت الحرب العالمية الأولى ونامت «الجميلة» وهجرها عمالها إلى ساحة الوغى. وعلى عكس العديد من العقارات الأخرى، لم يتم بيع أو تطوير هذه الحديقة مطلقاً. ويشار إلى اكتشاف غرفة صغيرة، مدفونة تحت حجارة تحتل إحدى زاويا الحديقة الضائعة هذه، كتب بقلم الرصاص على جدارها المبني من الحجر الجيري، شعار بالكاد يُقرأ «لا تأتِ إلى هنا للنوم»، مع توقيع أسماء الذين عملوا في الحديقة، وتحت الأسماء تاريخ أغسطس 1914. وبالفعل في عام 2013، اعترف متحف الحرب الإمبراطوري بهذه الغرفة التي تعرف باسم Thunderbox، والتي تحولت إلى مزار شهد الحرب وأحداثها مع توقيع من مر فيه.

بحيرات وتماثيل
تترقرق في أكثر من مكان في الحديقة مياه بحيرات عذبة، تعكس لون الأشجار والزهور الموجودة على ضفافها، تضخّها إلى البرك جميلة الشكل، مضخات عمرها يزيد عن 100 عام. كما تتوزع في الأرجاء تماثيل مبهرة ومثيرة للدهشة ومنحوتات كبيرة الحجم تشبه البشر أو الحيوانات، صممتها خصيصاً للحديقة الفنانة الشهيرة «سو هيل» مع شقيقها «بيت»، بعضها غريب المظهر وبعضها الآخر يبدو مخيفاً للناظر إليها، لا سيما في فترة الليل.