قد يبدو لك الأمر مجرد حركات استعراضية، تضحكك أحياناً، وأحياناً تخيفك، ولكن «السيرك» بالنسبة إلى العارضين شغف توارثوه بحب من جيل إلى جيل، أو ابتكروه، ولم يوقفهم عن ممارسته يوماً إلا ظرف قاهر. قد ينتقل هذا الشغف من الأب إلى الابن، من الأم إلى ابنتها، ويبقى على مدى سنين، يمارس بالإبداع ذاته، وربما بالأدوات ذاتها كذلك، إلى أن تنفصل الفرقة ويبقى أحد أعضائها مؤدياً ومحافظاً على تقليدها، أو يبقى كل أفراد العائلة وافين له.

The Caveagnas
بدأت العائلة والفرقة الموسيقية ذات الطابع الكوميدي والمرح مسيرتها في إيطاليا، مع البطريرك إليسيو كافيجنا، الذي كان موهوباً في مجال الموسيقى ومهرجاً ماهراً. قدم كافيجنا هاتين المهارتين في عرض للسيرك الإيطالي الشهير (سيركو ناندو أورفي)، كما أنه درّب ابنه أرتيدورو على متابعة خطاه الموسيقية التهريجية، الذي بدوره نقل مهاراته إلى ولديه جونز وسيتف. يؤدي الابنان هذه الأيام عروضاً عديدة في جميع أنحاء أوروبا، تتخللها نغمات البوق والساكسفون، مع تهريج تقليدي.

The Clarkes
ترجع سلالة سيرك كلارك إلى بدايات السيرك الحديث في أوائل القرن الـ19. حيث بدأ الفارس الشهير جون كلارك بالعمل لدى الإنجليزي فيليب آستلي، الذي إليه ينسب اختراع السيرك الحديث في نهايات القرن الـ18. استمرت العائلة في السيرك، إذ قام أحفاد كلارك بإبداع حركة جوية تمت تأديتها في سيرك بارنوم وبيلي الأميركي عام 1903، وجدت حظها من الشعبية، ثم أتقن الحفيدان إرنست وتشارلز كلارك الشقلبة الثلاثية عام 1909.

The Flying Nelsons
نليسون ليس هو اسم الشهرة الحقيقي لهذه العائلة، بل هوبسون. بعد انتقال الممثل روبرت هوبسون وعائلته من إنجلترا إلى الولايات المتحدة عام 1868، وقدموا عروضاً بهلوانية عائلية، أُطلق عليهم اسم «بروفيسور نيلسون وأبناؤه» كتكريم لشريكه السابق على المسرح. توسعت الفرقة مع الزمن، وانضم إليها فنانون من خارج أفراد الأسرة، وسمّيت The great Nelson family ثم The Flying Nelson، نظراً لمهماتهم البهلوانية المذهلة. أدت الفرقة عروضاً في كل أنحاء العالم.

The Uriases
بنى خوسيه أورياس عام 1912، ما أطلق عليه «كرة الموت»، وهي عبارة عن شبكة معدنية قطرها 16 قدماً، كحلبة لدراجته النارية، يدور داخلها بالسرعة الفائقة. أدى أورياس عروضه في كل أنحاء أميركا وخارجها، وانضم إليه بعدها أبناؤه وأحفاده. اليوم ما زال أحفاده وعائلاتهم يقدمون عروضاً في الحلبة الأصلية التي بناها. كانت هذه العائلة أول من وضع امرأة في مركز الكرة أثناء أداء التسابق داخلها، وأول من يبرز قائدة دراجة كذلك، في أوائل القرن الـ17.

The Hodginis
هودجيني، عائلة عارضين موهوبة لأكثر من 350 عاماً، بدءاً من أوروبا حتى أميركا. كان ألبرت هودجيني على سبيل المثال خيالاً ومدرباً للخيول لدى سيرك بارنوم وبيي وشركة رينجلنج بوس، وكان ولداه هارييت وألبرت رائعين مع الخيول، وأفراد العائلة الممتدة الآخرون خبراء في الحركات الجوية، والمشي على الحبال المشدودة. تقاعد توم وبيتي هودجيني من بيرو وإنديانا عام 1956، بعد 27 عاماً من العروض، لكن رجال أعمال محليين تحدثوا معهم من أجل تدريب بعض أطفال المدينة على عرض سيرك صغير، وتلك كانت بداية سيرك بيرو للهواة اليوم، حيث يشارك أكثر من 200 طفل سنوياً في 10 عروض في بيرو كل سنة.

الحلو.. أول عائلة سيرك عربي
عائلة الحلو، هي أول عائلة سيرك عربي، أُنشِئ عام 1889، على يد رائدها محمد الحلو، الذي حاول الاستفادة من العروض الأجنبية التي كانت تقدم عروضاً بمصر في عهد الخديوي إسماعيل. تشتهر العائلة بتقديم العروض مع الحيوانات المفترسة، خاصة الأسد، وتعود هذه العروض إلى بداية القرن الـ20، حيث وافق الملك فاروق، على طلب حسن ومحمد الحلو، باستعارة أسدين للتدريب، من أجل تقديمهما للجمهور في عرض للحيوانات المتوحشة، والذي كان جديداً في تلك الفترة. بدأت شهرة العائلة بعد عروضها المختلفة في المحافظات المصرية في الثلاثينات من القرن الماضي، وما زال نشاطها مستمراً حتى اليوم.