مثل كل المحبين الذين جعلوا من المرأة المعشوقة رهانهم الحياتي، لم تكن حياة فريد الأطرش سهلة. فقد ولدت داخل المعاناة المتوالدة باستمرار وانتهت فيها. ولم تكن وفاة أخته، أسمهان، بشكل تراجيدي إلا وجهاً من أوجهها. وربما كان هذا الحزن المتأصل فيه، واحداً من أهم أسباب إبداعه المميز، فرض فريد الأطرش كقوة غنائية استمرت طويلاً في الذائقة العربية العامة، وما تزال، في وقت انسحب فيه الكثيرون من المشهد الفني. لكن اللحظة الحاسمة في حياته هي حبه للملكة ناريمان، طليقة الملك فاروق، التي انتهت بشكل محزن، رفض بعدها فريد الزواج نهائياً كما صرح بذلك سنة 1966 (حوار تلفزيوني أجرته معه ليلى رستم).
من غرائب الأقدار أن فريد غنى في زفاف الملكة ناريمان من الملك فاروق. كان سعيداً ومنبهراً في وجهها المشرق. وعندما نفي الملك فاروق إلى إيطاليا في 26 يوليو 1952. شعر فريد بالفراغ من حوله. لم تكن ناريمان سعيدة مع الملك المنفي، بسبب عنفه معها، فطلبت منه أن يطلقها واستنجدت بأمها قوية الشخصية، أصيلة هانم. رضخ الملك لرغبتها، مقابل تنازلها عن حضانة ابنها الأمير أحمد فؤاد، مع الاحتفاظ بحقها في رؤيته. كان لقاؤها ثانية بفريد الأطرش حبل نجاة لهما. فأحبته بقوة، لدرجة أن راجت أخبار عن قرب زواجهما، مما وضعها في حالة إحراج. فتدخلت أمها أصيلة هانم وهددت فريد الأطرش وأهانته بدعوته لمعرفة الفوارق الاجتماعية، فهو ليس أكثر من مغنواتي. وعمق الشقاق أكثر تدخل الملكة ناريمان وتكذيبها الخبر. بل زواجها السريع من الدكتور أدهم النقيب. من شدة الفاجعة، أصيب فريد بذبحة قلبية (1954) كان رده بدرجة العنف نفسها إذ ذكّر ناريمان وأمها بانتسابه إلى إمارة درزية عريقة، ولم تأتهِ عن طريق الوراثة. انعزل بعدها نهائياً، بينما غابت أخبار ناريمان كلياً. فقد خلقت أصيلة هانم عداوة بين فريد الأطرش والملكة ناريمان، ومنها إشاعة علاقة عميقة بينه وبين سامية جمال. فقد ظلت ناريمان جرحه الدائم الذي ترك آثاره العميقة في حياته وفنه أيضاً.
عندما أنتج فيلم «قصة حبي»، إخراج بركات، كان يريد أن يحكي فيه خيبته وعزلته للمشاهد. طلب من مؤلف أغاني الفيلم، محمد فهمي إبراهيم، أن يؤلف أغنية تحمل اسم نورا. وهو اسم الدلال للملكة ناريمان. كان واضحاً أن فريد بأغنيته تلك، كان يقول جرحه العميق الذي حمله معه حتى القبر. لم تشذ هذه النهاية التراجيدية عن كبريات قصص الحب.