استطاعت نانسي الهندي بطلة المنتخب الوطني الأردني للتايكواندو أن تكون الوجه الأبرز على الساحة الرياضية المحلية والعربية، بعد أن حصلت على الحزام الأسود (7 دان) عام 2015، فكانت أول امرأة تحصل عليه على مستوى الشرق الأوسط وأول عربية على مستوى العالم. أسست منذ 10 سنوات نادٍ للتايكواندو، لإحساسها بالمسؤولية تجاه توسيع قاعدة الفتيات والسيدات في الساحة الرياضية التنافسية.

نانسي أم لثلاثة أطفال، وتحتل منصب الرئيس الإقليمي لاتحاد المصارف العربية عن الأردن وفلسطين، التقيناها في الحوار التالي:

أول امرأة
• كيف كان مشوارك الرياضي منذ الطفولة، وحتى تحقيقك الحزام الأسود كأول امرأة عربية؟
في طفولتي مارست رياضات كثيرة في المدرسة، منها التايكواندو، أحببت فيها الهجوم والدفاع الذي يكون بالأيدي والأقدام، وحركاتها السريعة القوية والمتعددة، صحيح أنها فن قتالي للهجوم، لكنها في نفس الوقت تركز على الجانب الدفاعي عن النفس، الذي يغري أي طفل لتعلمها، لا سيما الفتيات. وكبرت وأنا أتدرب بجديّة وانتظام، حتى أخذت الحزام الأسود (7 دان)، كأول امرأة في الشرق الأوسط قبل سنوات، وكان دوماً في داخلي تحدٍّ للتفكير الشرقي، بأن العربية إذا ما تزوجت تترهل روحاً وجسداً، ولا تكمل ممارسة رياضتها وتفقد لياقتها بسبب الإنجاب واختلاف الاهتمامات، لكنني أثبتُّ العكس.

خارج الأسوار
• كيف تطورت التايكواندو في الأردن حتى حققت امرأة إنجازاً عالمياً؟ وما سبب شعبية هذه الرياضة؟
لم تكن اللعبة معروفة في الأردن حتى منتصف السبعينات، عندما طلبت قوات الحرس الخاص في الجيش فريقين من مدربي التايكواندو من تايوان لتدريب منتسبيها عليها للدفاع عن النفس، وكان المدرب (تشن تشوا هوا)، يرى أن اللعبة لن تتطور في الأردن إلا إذا تجاوزت الأسوار العسكرية، فأنشأ أول مركز لتدريب التايكواندو عام 1980، ولا يزال تشن الذي بلغ السبعين من عمره يعيش في عمّان. ومن وقتها انتقلت التايكواندو إلى حلبة المنافسة مع انتشار النوادي، فكبرت شعبيتها، إضافة إلى البطولات المتعددة التي لا تكاد تغيب شمسها طوال العام.

• أسست نادياً رياضياً للتايكواندو، ما هدفك الذي تسعين لتحقيقه، مع وجود هذا العدد الكبير من النوادي؟
صحيح أنه يوجد ما يزيد عن 150 نادياً للتايكواندو في عمّان والمحافظات، لكنني عندما أسست هذا النادي منذ 10 سنوات، كان هدفي توسيع قاعدة الرياضة النسوية عامة والتايكواندو بشكل خاص، أسعى من خلاله لأرى لمعان الذهب والفضة والبرونز على صدور اللاعبات، ليكون هذا شاهداً على تطور الرياضة النسوية الأردنية.

• ما التحديات التي تواجه المرأة الأردنية والعربية عامة عندما تقرر دخول مجال الرياضة؟
بالرغم من الصورة الذهبية للعبة التايكواندو تحديداً، إلا أن هناك عقبات تواجه لاعبيها ومدربيها بشكل عام، فالصعوبات المالية التي تعانيها الأندية في المشاركات الخارجية، أو في تنظيم البطولات المحلية، تجعل السيدات خياراً ثانياً من حيث التركيز عليهن ودعمهن ودفعهن للوجود على ساحة المنافسة.

أنوثة
• هل تتعارض لعبة التايكواندو كرياضة قتالية مع أنوثة الفتاة التي تمارسها؟
التايكواندو رياضة فكريَّة وجسديَّة، فهي تتجاوز القتال لتصبح أسلوب حياة. أمّا أنوثة المرأة فهي مبنية بالأساس على شخصيتها وطبيعتها الداخلية، ولا تأثير لأي رياضة في هذه الأنوثة، وشعور الآخرين بها، وليس بالضرورة أن تكون المرأة ضعيفة لنقول إنها أنثى.

• أنت أم لثلاثة أطفال، ماذا تخبرينا عن نانسي الأم؟
أنا أم لـ«هبة 13 عاماً»، «أمجد 10 أعوام»، و«هيا سبعة أعوام»، أحاول أن أكون الأم الصديقة القريبة منهم، من دون أن أفقد الحزم الذي يضمن انضباطهم واحترامهم للحدود التي أرسمها لهم. أؤمن أنّ الشخصية الناجحة مستقبلاً، هي التي تتربى في طفولتها على الموازنة بين الدراسة والهوايات والواجبات والنشاطات الأسرية، أشجعهم جداً على ممارسة الرياضة.

الانتقال من الدفاع إلى الهجوم
تقول نانسي الهندي إن رياضة التايكواندو، وسيلة لتدريب الجسم والعقل، تخلق شخصية ناضجة، تعرف كيف تتعامل مع الخصم، وتخطط للوقت المناسب للانتقال من وضع الدفاع إلى وضع الهجوم، وترسخ فكرة عدم استخدام العنف مع الآخرين، والتأكيد على فكرة الدفاع عن النفس والضعفاء، وتكسب ممارسها الشجاعة والعزيمة والإرادة القوية مع الشعور بالطمأنينة والعمل على إثبات الذات، كما تحفز سعة الخيال والابتكار واتساع المدارك، وتعلم الاعتماد على النفس دون اللجوء إلى الآخرين، وتخلق الإصرار على النجاح والتفوق وأي امرأة اكتسبت تلك السمات الشخصية، هي حتماً مختلفة عن غيرها في حياتها وعملها وإدارة حياتها.