«الأخلاق الرياضية السامية أهم من الميداليات والكؤوس»، بتلك الكلمات وصفت الإماراتية منى إبراهيم موقفها النبيل عندما ضحت بصدارة سباق الدراجات الهوائية فئة المواطنات للنسخة السادسة من دورة الشيخة هند الرياضية للسيدات، لمساعدة منافستها التي سقطت في المرحلة الأخيرة، مهدرة الدقائق الثمينة التي تؤهلها للتتويج بالذهب، لتباشر العناية بمنافستها إلى أن استعادت قواها، ضاربة بذلك مثالاً يحتذي به في الروح الرياضية.

• كيف جاءت مشاركتك في دورة الشيخة هند؟
أحرص دائماً على المشاركة في الفعاليات الرياضية التي تنظم في الدولة سواء كانت مجتمعية أو مخصصة للموظفات، لشغفي بالرياضة، لذا قررت تمثيل مركز دبي للإحصاء في مسابقة الدراجات بدورة الشيخة هند التي تنظم سنوياً لمنتسبات الهيئات والدوائر والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة، حيث إن الدراجات من أكثر الرياضات المقربة إلى قلبي منذ الصغر.

• حدثينا عن تفاصيل الموقف خلال مشاركتك في المسابقة؟
كنا نتسابق إلى أن وصلنا إلى صدارة المرحلة الأخيرة، وفجأة سقطت منافستي فاطمة بالهول ممثلة مجلس دبي الرياضي من دراجتها بقوة على الأرض، فتوقفت لمساعدتها حتى تحضر الإسعاف، وعندما استقرت نبضات قلبها وبدأت تتنفس بصورة طبيعة، انطلقت مرة أخرى لتكملة السباق ولكني وصلت إلى خط النهاية عند تتويج البطلات.

كسبت نفسي
• ماذا كان شعورك عندما فقدت منصة التتويج؟
بسعادة شديدة يمكنني أن أقول إنني ضحيت بالذهبية لأكسب احترامي لنفسي، فالرياضة أخلاق قبل أن تكون منافسة، ما فائدة الميداليات على صدر بطل من دون مبادئ، لذلك لم أفكر لحظة قبل أن أتوقف لتلبية نداء إنساني، خاصة عندما رأيت زميلتي تتنفس بصعوبة، وعلى الرغم من أنني كنت أرتجف من الخوف عليها إلا أنني تمالكت أعصابي وحاولت مساعدتها عن طريق التنفس الصناعي حتى تحضر الإسعاف، وعندما استقرت حالتها شعرت بأن روحي رُدت إليَّ مرة أخرى، وأكلمت السباق بهدوء لمعرفتي بأن الوقت قد فات لتحقيق الميداليات، ولكني لا أكترث للإنجازات الرياضية طالما أرضيت ضميري.

• وكيف كانت ردة فعل المحيطين بك بعد انتهاء السباق؟
ردود الفعل التي رأيتها بعد انتهاء السباق أدخلت الفرحة إلى قلبي، خاصة عندما هنّأني المسؤولون عن الدورة على هذا الموقف السامي، فضلاً عن اتصال الشكر الذي تلقيته من أسرة منافستي التي أصبحت الآن صديقي، فهذا في حد ذاته أكبر مكسب، إلى جانب تكريمي من قبل المدير التنفيذي لمركز دبي للإحصاء عارف المهيري، الذي أهداني الميدالية الذهبية تعبيراً عن امتنانه لهذا الموقف الإنساني.

دفعة معنوية
• هل واجهت انتقادات من البعض بعدما حظيت بكل هذا الدعم المعنوي؟
للأسف صدمت بموقف غريب من عدد كثير من فتيات كنت أظنهن صديقاتي في الرياضة وطالما مارسنا عدداً كبيراً من الرياضات معاً، إذ إنهن ابتعدن عني بعدما ظهرت في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، ظناً منهن بأن موهبتي الرياضية لا تستحق كل هذا الاهتمام الإعلامي، وعلى الرغم من هذا الموقف المؤسف إلا أنه أعطاني دفعة معنوية كبيرة للتقدم إلى الأمام والعمل على تطوير مهاراتي للمشاركة وحصد الألقاب في جميع المنافسات الرياضية التي سوف أخوض غمارها في الفترة المقبلة.

• هل يجب أن يضع الرياضي الأخلاق في المقام الأول قبل التفكير في الفوز؟
من المؤكد أن الأخلاق الرياضية بشكل عام هي سلوك مكتسب ينتج عن البيئة المحيطة بالشخص الرياضي منذ نعومة أظفاره، ولحسن حظي أنني أنتمي إلى عائلة ملتزمة، جميع أفرادها يتحلون بالكرم والنبل، لذلك فإنني لا أرى في الموقف الذي قدمته في دورة الشيخة هند أي شيء بطولي فهو موقف طبيعي نابع من التنشئة الصحية الذي من ضمنها أن الرياضة جملة من المبادئ والقيم يأتي في مقدمتها التنافس الشريف والرياضة من أجل الرياضة.

وزن مثالي
عن ممارستها لرياضات أخرى تقول منى إبراهيم: بطبيعة شخصيتي أحب تجربة كل ما هو جديد لذا أحرص دائماً على ممارسة عدد كبير من الرياضات المتنوعة، وخاصة عندما ساعدتني الرياضة على الوصول إلى الوزن المثالي بعدما كان وزني 85 كيلوجراماً قبل 10 أعوام، كنت أشعر حينها بالإحباط، ولكن مع الإصرار والعزيمة تمكنت من الوصول إلى الوزن الذي يمكنني من ممارسة جميع أنواع الرياضات بشكل طبيعي.