لم يكن في ذهن المدعوين إلى حفل الزفاف المنكوب في كابول قبل أيام، أدنى توقع بما حدث. الأقارب والأصدقاء والضيوف كانوا يرقصون ويحتفلون بالعروسين، عندما انفجرت قاعة الزفاف المزدحمة، فتناثرت الجثث والأشلاء وسالت الدماء، وسط هلع وصدمة، وتحول الفرح في لحظة واحدة إلى كارثة إنسانية مريعة.
عمل إرهابي في أقصى حدود التوحش. لم تشهد أفغانستان مثيلاً له في البشاعة، لكن التاريخ القريب سجّل صفحة دامية مماثلة في الأردن في 2005، عندما نفّذ إرهابيون سلسلة تفجيرات لفنادق في عمّان، استهدف أحدها فندقاً يقام فيه حفل زفاف، فذهب ضحيته أكثر من ستين شخصاً، بينهم مخرج فيلم «الرسالة» الشهير مصطفى العقاد.
14 عاماً مرت بين عرسي عمّان وكابول، ضرب خلالها الإرهاب الأعمى مسارح وحفلات موسيقية، ودَهس بشراً كانوا يسيرون في الشوارع، أو يجلسون في المطاعم. كان يغتال الفرح حيثما كانت هنالك فرصة لتجمعات بشرية كبيرة غافلة عن أشرار يزرعون القنابل، أو يفجرون أجسادهم في معركة مستمرة ضد الحياة.
عريس كابول «مرويس علمي» نجا من الجريمة بجراح جسدية ونفسية غائرة. 14 فرداً من عائلته بين الضحايا الذين وصلوا إلى 80. يقول إنه كان يسلم على الضيوف، ويلتقط معهم الصور التذكارية، قبل أن تنفجر القاعة بأجساد المدعوين. العروس تعيش بين صحو وغيبوبة متقطعة من هول الصدمة.
لم يفعل العروسان وذووهما والمدعوون شيئاً، ليعيشوا تفاصيل هذا الترويع. لقد قررت عصابة من المجرمين المعادين للحياة والفرح أن تغتال بشراً يحتفلون بزواج فتاة إلى شاب، وتحت مفاهيم دينية متطرفة، لا علاقة لها بسماحة ديننا الحنيف، الذي تقوم مقاصده على حفظ النفس والحياة. قرر الانحراف الذهني في عقولهم ارتكاب جريمة بشعة بحق أناس غافلين مطمئنين إلى أن قاعات الزفاف ليست ساحات حرب، ولا أهدافاً عسكرية.

ضوء
بعد كل جريمة يقترفها أعداء الحياة، يجب أن نتمسك بالأمل واندحار هذه الوحشية، فلا سبيل أمامنا إلا الإيمان بأن الشر ضعيف وزائل، مهما سفك الدماء وزرع اليأس.