«التميز والانفراد والطموح وتحدي الصعاب» كلمات استخدمتها ابنة الإمارات في طريقها نحو الريادة وتولي المناصب القيادية لتنافس بنات جنسها عالمياً في تحقيق أحلام ما زالت حواء تسعى إليها في بلاد تاريخها أكبر من عمر الدولة، من بين ذلك منصب رئيسة المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات (البرلمان) الذي تولته امرأة في سابقة هي الأولى عربياً وأوسطياً.
فمنذ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وإلى الآن، اقتحمت المرأة الإماراتية مجالات مختلفة، وحققت إنجازات لافتة ، وتركت بصمات في ميادين طالما اعتبرت حكراً على الرجال.
وفي هذه الحوارات الثلاثة بمناسبة يوم المرأة الإماراتية، تشارك الدكتورة حواء المنصوري والمهندسة ميرة هشام المهيري والدكتورة مهرة لطفي، قصص نجاحاتهن المهنية التي قدمن من خلالها مثالاً يُحتذى به، في الإصرار وتحدي الصعاب وصولاً إلى النجاح والتميز.

مخترعة أنبوب القسطرة عبر الوريد
حواء المنصوري:التحديات سلم الابتكار

معايشة الدكتورة حواء الضحاك المنصوري، استشارية الغدد الصماء والسكري، نائبة المدير الطبي في مركز «إمبريال كوليدج لندن للسكري» لآلام الناس ومعاناتهم، خلال سنوات الغربة والدراسة والعمل التي عاشتها في الولايات المتحدة الأميركية لمدة 15 عاماً، كانت من أهم الصعوبات والتحديات التي قابلتها، فاستطاعت أن تصنع من تلك التحديات سلماً للابتكار والإبداع، فأصبحت أول إماراتية تخترع جهازاً لإدخال أنبوب القسطرة عبر الوريد، مؤكدة أن سنوات الغربة صقلت خبرتها في الحياة، وحركت عامل الابتكار داخلها.

وأبت المنصوري أن تنظر إلى آلام الناس في صمت خلال استخدام أنبوب القسطرة لا سيما أن المريض قد يتعرض لخسارة أحد أعضائه، في حال حدوث خطأ ما في أحد الشرايين الرئيسية، فبدأت في تكثيف البحث والدراسة إلى أن توصلت إلى فكرة اختراع أنبوب قسطرة يركب عبر وريد المريض، لإدخال المحاليل والأدوية والسوائل للجسم، وأيضاً لأخذ عينات الدم.

 وتقول: في البداية كان استخدام ذلك الأنبوب في الذراعين والساقين والآن بعد نجاح الفكرة وتطورها أصبح استخدامه للأوردة الرئيسية كبيرة الحجم في وسط الجسم، ويمكن وضعه بشكل دقيق في الجسم، إذ يمكن رؤيته بوضوح عند تثبيته عبر جهاز الأمواج الصوتية. وحول مميزات أنبوب القسطرة الذي اخترعته توضح أنه يتميز بقدرته على اختراق الجسم بسهولة وباستخدام يد واحدة من خلال الموجات الصوتية التي تتيح للأطباء رؤية الشرايين خلال الجراحة، مما يعطي نتائج دقيقة، مقارنة بأنبوب القسطرة القديم.

«سونوستيك»
ولاقى ابتكار المنصوري الدعم وحصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية، وتقول: أطلقت عليه اسم «سونوستيك» وسيتم استخدامه وتسويقه في الإمارات العربية المتحدة قريباً. وتؤمن المنصوري بأن المرأة الإماراتية أرست دعائم مسيرتها الظافرة، وهي قادرة دوماً على أن تعطي وتعتلي منبر التميز والابتكار بجدارة وكفاءة، مؤكدة أن التحاقها بجامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة، ودراستها للطب العام لمدة أربع  سنوات، ثم التخصص في الطب الباطني وأيضاً الغدد الصماء والسكري من خلال منحة رئيس الدولة الدراسية للدراسة في الولايات المتحدة عام 1999 كان بداية انطلاقها نحو طريق التميز والابتكار.

نموذج للنجاح
قدمها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، في القمة العالمية للحكومات لعام 2014 باعتبارها نموذجاً إماراتياً للنجاح في مجال التعليم والابتكار. وفي عام 2014 حصلت الدكتورة حواء المنصوري على جائزة «أوائل الإمارات» المرموقة، والتي يمنحها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي (رعاه الله). ومنذ ذلك الوقت أصبحت رئيسة التشريفات في عدة فعاليات، بما فيها المحاضرات الرمضانية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وكانت متحدثة في مؤتمر ميلكن في أبوظبي ( Milken) سنة 2018 وأيضاً في لوس أنجلوس في السنة نفسها حيث تحدثت عن التأثير الاقتصادي لمرض السكري. بالإضافة إلى مشاركتها في عاصفة الفكر في «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية»، إذ أسهمت في نقاشات حول موضوع الصحة، المستقبل، والذكاء الصناعي وتطبيقاته في المجال الصحي.

أول مفتشة أمان نووي
ميرة المهيري: أعشق الفيزياء.. والدبلوماسية

تعد المهندسة ميرة هشام المهيري أول إماراتية تعمل مفتشة أمان نووي في الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وخاضت مشوار كفاح تكلل بالنجاح والتميز فأصبحت من الرائدات الإماراتيات في مجالها.

تخرجت ميرة في قسم الهندسة الميكانيكية والنووية بامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة خليفة، وعملت في وظائف عدة قبل التحاقها بعملها الحالي، حيث شغلت منصب «مساعد أستاذ» في الجامعة ذاتها لمساقات متعددة، ثم مساعد مختبر لمساقي الدراسة المستقلة والكيمياء.

وحول اختيارها للعمل في مجال الرقابة والأمان النووي، الذي كان حكراً على الرجال حتى وقت قريب، تقول: عشقي لمادتي الرياضيات والفيزياء وتفوقي فيهما طوال سنوات الدراسة كان الدافع وراء اختياري للتخصص في هذا المجال. وتكمل ميرة حالياً دراسة الماجستير في الشؤون الدولية بجامعة «كنجز كوليج» في لندن.

وجنباً إلى جنب مع دراستها الأكاديمية، صقلت ميرة خبراتها العملية بالتدريب والإعداد المستمرين في أرقى المؤسسات العالمية المتخصصة، وتشير إلى أنها تدربت في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية «سيرن» في جنيف، المتخصصة في أبحاث فيزياء الكم، كما عملت مع مجموعة من طلاب الدكتوراه في جامعة «إمبريال كوليدج» بلندن في مجال أبحاث الهندسة الطبية، وكانت أحد الممثلين الرسميين لدولة الإمارات العربية المتحدة في مشروع مفاعل «هالدن» في النرويج المختص ببحوث الوقود النووي والمفاعل والعوامل البشرية.

تطوع وعطاء
يلعب العمل التطوعي دوراً مهماً في حياة ميرة المهيري، وتقول «أشعر بسعادة غامرة كلما التحقت بأحد الأعمال التطوعية، كما شعرت بالفخر الشديد عندما شغلت منصب سفيرة الإمارات للشباب في ألمانيا». وتضيف: لي اهتمامات أخرى في مجال الدبلوماسية والتعايش ومكافحة الإرهاب، حيث حصلت على شهادات تخصصية في مفاهيم حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل من الاتحاد الأوروبي لحظر الانتشار ونزع السلاح، ومكافحة الإرهاب من جامعة «لايدن» في هولندا.

كما ترأست وفد دولة الإمارات المشارك في لقاء شباب العواصم العربية في الأردن حول قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2250، وشاركت في برنامج شباب صناع السلام للحوار بين الأديان في جامعة كامبردج.

جوائز وإنجازات
حصلت ميرة على جوائز عدة طيلة مسيرتها المهنية، منها جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز، وجائزة رئيس جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث للأداء التعليمي العالي، وجائزة مؤسسة الإمارات للطاقة النووية للأداء التعليمي العالي، بالإضافة إلى جائزتي رأس الخيمة للإبداع والتميز التعليمي، وجائزة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لأوائل الثانوية العامة، وكانت ميرة أحد المرشحين النهائيين الخمسة لوسام رئيس مجلس الوزراء على مستوى 14 وزارة و26 هيئة اتحادية.

وتم اختيار ميرة عضواً في مجلس الإمارات للشباب منذ إنشائه في فبراير 2016 إلى الآن، كذراع استشاري لحكومة دولة الإمارات في سياسات واستراتيجيات الشباب، برئاسة معالي شما المزروعي، وزيرة دولة لشؤون الشباب. إضافة إلى دورها كمنسق عام للبرنامج الوطني لقيم الشباب الإماراتي.  وقد شاركت ميرة في خلوة العزم والاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات، كما عملت في فريق إدارة مشروع «خلوة الشباب» و«منتدى الشباب العربي» وغيرها من مشاريع المؤسسة الاتحادية للشباب

سفيرة الخلايا الجذعية
مهرة لطفي: سعادتي في فرحة «الشفاء»

اختارت الدكتورة مهرة لطفي، سفيرة الخلايا الجذعية، تخصص الخلايا الجذعية والطب التجديدي؛ لأنها ترى فيه مستقبلاً لعلاج الكثير من الأمراض وتقول: «نشأت في عائلة معظمها يمتهنون الطب في تخصصات مختلفة لا سيما أن والدتي الدكتورة زهرة استشارية جراحة التجميل قدوتي ومَثلي في الحياة، فقد نهلت من علمها وحبها للعمل التطوعي وخدمة المجتمع والعطاء بلا حدود أو قيد منذ طفولتي».

 ونتيجة لعشق مهرة لمجال العلاج بالخلايا الجذعية فضلاً عن المشاركات التطوعية داخل الدولة وخارجها سافرت إلى أفغانستان ضمن مبادرة «أطباء بلا حدود» وتقول عن هذه التجربة: عندما سافرنا إلى أفغانستان عالجت عدداً ليس بالقليل من المصابين بالحروق من خلال استخدام الخلايا الجذعية.

وتتابع: «أشعر بسعادة غامرة كلما أتذكر فرحة من ساعدتهم على الشفاء وإنهاء آلام الحروق وتجديد مظهر الجلد، حتى عاد كالطبيعي مرة أخرى، فاستشرفت بذلك أهمية العلاج التجديدي بالخلايا الجذعية لمساعدة الناس وبث السعادة في نفوسهم مرة أخرى لا سيما أن جهودي تكللت بالنجاح والفخر عندما منحتني الأمم المتحدة لقب (سفيرة الخلايا الجذعية)».

وتستكمل: «العلاج بالخلايا الجذعية يساعد على شفاء المصابين بإصابات الحبل الشوكي، وتحسين مرض السكري من النوع الأول، وأمراض الشلل الدماغي وبعض أمراض القلب، فضلاً عن الحروق وبعض الأمراض السرطانية، وأتطلع في المستقبل القريب لاستخدام هذا النوع من العلاج بشكل ينافس عالمياً».

هوايات
أنشأت مهرة لطفي وقادت فريقاً من النساء من جنسيات مختلفة لسباق السيارات، خاض الفريق الكثير من السباقات وحصل على التكريمات والجوائز، أيضا تهوى رياضة ركوب الخيل وتوضح أن المعيار الوحيد للتميز بين المرأة والرجل هو التفوق والإبداع، مؤكدة أن دولة الإمارات منحت المرأة الإماراتية الدعم والتمكين حتى برزت وشغلت مناصب قيادية في جميع المجالات، واقتحمت ميادين العمل والرياضة والعلم، وعليها الآن أن تبدأ برد الجميل وتستثمر ذلك الدعم والتشجيع لتثبت جدارتها أكثر وتصبح الأولى على مستوى العالم في جميع المجالات.

النضارة والجمال
توضح الدكتورة مهرة لطفي أن الخلايا الجذعية تحتوي على عنصرين رئيسيين وهما: البروتينات التي تنظم عملية انقسام الخلايا، وعوامل النمو التي تلعب دوراً هاماً في انقسام الخلايا ونمو خلايا جديدة وإنتاج الكولاجين والإيلاستين. وتضيف: «أثبت استخدام الخلايا الجذعية فاعليته العالية في استعادة نضارة معالجة تجاعيد البشرة، وتحفيز الأنسجة الضامة للجلد، وبالتالي استعادة متانة الجلد وزيادة سماكة الجلد بطريقة صحيحة، كما تضمن الخلايا الجذعية استعادة النضارة والجمال عبر تحفيز نمو أوعية دموية جديدة وزيادة تدفق الدم في طبقات الجلد، وبالتالي تحفيز إنتاج الكولاجين، كما أنه يستطيع أن يخفف كذلك آثار الحروق والندب ومعالجة الهالات السوداء». وتنصح لطفي النساء بالاعتماد على نظام غذائي سليم يحافظ على نضارة الوجه، ممارسة الرياضة، التفكير الإيجابي، التواصل الاجتماعي الذي يزيد الثقة بالنفس وينعكس مباشرة على جمال الوجه الطبيعي، وذلك قبل اللجوء إلى العمليات التجميلية أو العلاجات الأخرى عن طريق حقن الوجه.