نعرفُ أن القلب يدقّ وبقوة حين يواجه سيلاً من المشاعر، سواء أكانت حباً أم بغضاً أم ذعراً، ونتخيل القلب أحمر ونرسم شكله كعربون حبّ.. لكن ماذا بعد؟ ماذا عن القلب الذي يحدّ المرض من قدرته على «العزف» بانتظام؟

مرضُ القلب يزيد لأكثر من سبب، فالقلب أكثر أعضاء الجسم عملاً. إنه لا يرتاح لا في الليل ولا في النهار، وطبيعي أن من يعمل أكثر يتعب أكثر ويتعرض لمشاكل أكثر. والبشر باتوا يعيشون أكثر لهذا باتت قلوبهم تتعب أكثر. النظام الغذائي أيضاً تغير وبات لا يتناغم كثيراً مع متطلبات القلب، ونسبة البدانة ارتفعت وهذا ما أثر بدوره سلباً، وكل هذا أسهم في زيادة تعرض الشرايين للتصلب. يحدث كُلّ هذا على مراحل، على مدى سنوات، وفجأة يحدث انسداد في أحد الشرايين يؤدي إلى «جرحة قلبية» قد تسبب موت نحو 35% من الحالات.

الوقاية هي الحل
والحلّ، في الوقاية وفي إبقاء معدل السكري والكوليسترول السيء والدهون في معدلاتها الطبيعية وألا يزيد معدل ضغط الدم عن 13 على 8.
أمراضٌ كثيرة قد يتعرض لها هذا العضو النشط جداً في الجسم، أبرزها تصلب شرايين القلب الذي يصيب نحو 70% من مرضى القلب، ويؤدي إلى انسداد إما كلي أو جزئي، يحتاج المريض على أثرها إلى إجراء فحص القسطرة و«تمييل» للتأكد إذا كان يحتاج إلى «روسور» أو تكفي معالجته بالأدوية. ويهم هنا أن يعرف مرضى الشرايين، الذين وضع لهم «روسور»، أن مشاكلهم ستزيد مع الوقت إذا لم ينتبهوا ويأخذوا الأدوية الموصوفة في مواعيدها والحفاظ على نسب الدهون والسكر في الدم في معدلاتها الطبيعية.
«كهرباء القلب» حالة أخرى يعانيها بعض من يُصنفون مرضى قلب، ويهم هنا أن تعرفوا أن القلب هو العضو الوحيد في الجسم الذي يملك خلايا كهربائية، أي عطل فيها يؤدي إلى مشاكل شتى بينها عدم انتظام ضربات القلب. وهناك مرضى يولدون أحياناً بسلكٍ كهربائي إضافي علاجه يكون بكيّه. ويكون علاج «كهرباء القلب» غالباً بوصف أدوية تنظم ضربات القلب، شرط أن تكون عضلة القلب سليمة والقلب يعمل «بلا تقصير».

التهاب الصمام
مشاكل الصمامات تزيد أيضاً مع التقدم في العمر وقد يحدث إما انسداد في الصمام أو ارتخاء أو «تنفيسة» ما. والعلاج في حال الانسداد يكون بتغيير الصمام. وقد حدث تطور هائل على هذا الصعيد، وبات تغيير الصمام ممكناً عبر «التمييل» بلا جراحة كبيرة وشقوق. وهنا لا بُدّ أن يعرف من يعانون مشاكل في الأسنان أن الجراثيم التي تتراكم في الفم والجهاز الهضمي تؤثر سلباً في عمل الصمام، والجرثومة الموجودة في اللثة تدخل إلى الدم وتضعف الجسم وتؤثر في الصمام. والالتهاب الحاد في الصمامات يؤدي أحياناً إلى قصور حاد في عضلة القلب وإلى جلطات دماغية.

قلوب النساء
النساء، بعد سن الـ45، ودنو مرحلة انقطاع الطمث، يصبحن عرضة أكثر لمشاكل القلب، ويتساوين نسبياً في هذا مع الرجال. واللافت هنا أن أغلبية النساء يعرن الوقاية من سرطان الثدي اهتماماً ولا ينتبهن أن قلوبهنّ قد تخونهنّ أيضاً.
لا أعراض واضحة مسبقة تشي بأن اضطراباً في القلب يدنو، لكن ثمة بعض الإشارات الخافتة قد تساعد على ذلك بينها اللهاث الفجائي إثر صعود سلالم طالما كان المريض يصعدها من قبل «مثل الأسد». أما تنميل اليد اليسرى فلا يعني دائماً، عكس ظنون الكثيرين، مشاكل في القلب. يمكن أن يكون العصب ملتهباً أو مشاكل في العضل. فمرض القلب في أغلب الأحيان يأتي صامتاً، لذا لا بُدّ من إجراء الفحوص الدورية لمواجهته باكراً.