طرح أحدهم تساؤلاً على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «هل هي حقيقة أم ادعاء بأننا نتسامح ونغفر للآخرين؟ وإذا كنا بالفعل نستطيع ذلك فهل نحن فعلاً متسامحون وصادقون مع أنفسنا؟».
لا شك في أن التسامح والغفران مهام إنسانية، علينا ممارستها حتى نعيش بسلام وتصالح مع الذات، ولكن الكثير من الأشخاص وإن غفروا للآخرين يبقون معلقين بالشعور بالذنب والخجل والانكسار، بسبب عدم تجاوزهم للمواقف وعدم مسامحتهم لذواتهم، مما يؤثر في صحتهم النفسية وطريقة التفكير السلبية التي قد تُدخلهم في متاهات تعيقهم من العودة لمستوى تقدير الذات المرتفع وقبولها.

فكرة داخلية
من أسباب عدم تجاوز المواقف وصعوبة التصالح مع الذات، الفكرة الداخلية في ذهن الشخص، وهي الشعور بالندم والقناعة بأن التعامل مع الآخر هو المحور الأساسي، حيث إن الرضا من قبل الآخرين هو أساس السعادة، وكأن الذات شخص آخر لا علاقة له بها. كما أن البعض لا يفضل أن يبذل جهداً للتأمل في الذات والسلوكيات التي قد تسبب الشعور بالتقصير، أو الدروس التي قد يستفيد منها من خلال الأخطاء التي يرتكبها في حق نفسه. والآخر في حديثه لنفسه بأنه لا يستحق المغفرة، لأن الشخص الآخر لم ينسَ الإساءة وقد يكون لا يزال غاضباً أو ذهب ولا يريد التواصل، وذلك مبرر قوي للندم والشعور بتقدير الذات المنخفض، لذا يبقى الشخص في تلك الدائرة، والتي قد تُحبطه وتزيد من دنو تقديره لذاته، ولا يمكنه الشعور بالاستحقاق بالعفو والتسامح. وهناك من يعاني مشكلة مراقبة السلوك غير المناسب، ووضع المواقف التي يرتكبها تحت المجهر، وذلك يبقيه عالقاً بين المضي قُدماً وبين العزم على القيام بالأفضل، وهنا يحدث نفسه بأنه قد لا يستحق المغفرة لما صدر منه بهذا الوقت تحديداً.

ليست سهلة
عملية التسامح مع الذات والغفران ليست عملية سهلة، وتختلف من شخص لآخر حسب الفروق الفردية، وعلاقة الشخص بذاته وتعتمد على خبراته الحياتية، كما تعتمد على كيفية التعامل مع المواقف الصعبة، وتتداخل المشاعر عند المواقف الصعبة والإحباطات، فهناك من يشعر بالغضب أو خيبة الأمل أو الحقد الذاتي أو حب الانتقام. وللتخلص من تلك المشاعر هناك من يفضل الحديث مع أحد المقربين، وهناك من يحبذ الالتقاء بشخص مهني كمرشد لأخذ النصح، وهناك من يوجه فكره للقيام بأنشطة أخرى كممارسة الرياضة أو التأمل، وهناك من يحب أن يكتب ويعبر عن كل تلك المواقف، وتأثيرها في نفسه وكيفية التخلص من تلك المشاعر السلبية، ومن ثم يفضل تقديم الاعتذار للآخر أو إلى الذات للوصول إلى الراحة النفسية والرضا والتصالح مع الذات.

الغفران
الغفران هو الاختيار الأفضل والابتعاد عن لوم الذات أو الآخر، لأن في ذلك شفاء وفرصة لبناء علاقة جيدة مع الذات، وبالتالي تخلق علاقة جيدة مع الآخر، كما أن التسامح مع الآخر لا يعني أن يتسامح معنا، وبذلك نقدر ذواتنا بشكل أفضل ونبتعد عن الأنانية، ونرتقي بعلاقاتنا الإنسانية ونتحرر من الشعور بالذنب.

استشارة
* لدي أخت عمرها 29 عاماً، طُلقت من زوجها مؤخراً بعد زواج دام 10 سنوات من دون ذكر أي أسباب، أو قد تكون ولكني لا أعرفها. بدت أختي حزينة جداً وتبكي معظم الوقت، لا تنام إلا قليلاً، معظم الوقت تجلس في غرفتها ولا تأكل إلا نادراً، متوترة دائماً وتشعر بأنها قلقة وتردد كثيراً عبارة «يا ليتني أموت»، ذهبت إلى طبيب نفسي وقال إنها تعاني الاكتئاب، ولكن لم ألاحظ أي تغيير بعد تناولها الدواء.. ما الحل؟
- حسب الأعراض التي ذكرتها، أعتقد بأنها نتيجة الصدمة أصيبت باضطراب التكيف/عدم التوافق؛ نتيجة صدمتها بقرار الطلاق، وهو اضطراب يحتوي على أعراض القلق والاكتئاب، لذا فهي تحتاج إلى الدواء في هذه المرحلة، وفي الوقت نفسه تحتاج إلى أخصائي نفسي حتى يساعدها بالاعتماد على نفسها وتخطي هذه المرحلة الصعبة.