آلام في الرقبة والظهر والكتفين.. طفل يكاد لا يغفو لحظة من كثرة البكاء.. حامل تعاني آلاماً شديدة في الظهر.. رياضيون تعرضوا لحوادث ويعانون.. علاج تقويم العظام يتعامل مع حالات متعددة يواجهها كثيرون وتُدمّر، في أحيان كثيرة، نوعية حياتهم. فماذا في ألف باء هذا العلاج؟

لافت جداً هذا النوع العلاجي الذي بدأ ينتشر مؤخراً في عالمنا العربي، بعد انتشاره الهائل في الغرب. معالجة تقويم العظام فيونا شهيب، درست الاختصاص في باريس، وتُتابع منذ أعوام حالات مختلفة من مشاكل العظام التي تحتاج إلى تقويم. والسؤال البديهي الأول: متى يحتاج المريض إلى اختصاصي تقويم عظام، لا إلى طبيب عظام ولا إلى معالج فيزيائي؟

تقويم لا علاج
يجهل كثير من مرضى العظام أن البداية الأجدى يفترض أن تبدأ، حين ينوون العلاج، من بوابة علاج تقويم العظام التي يطرح فيها المعالج، بحسب فيونا شهيب، عشرات الأسئلة على المريض أو أهله، حتى ما كان يُعدّ بالنسبة إلى المريض هامشياً. والسؤالان الأهم هما: هل تشتدّ الآلام ليلاً أو نهاراً، صباحاً أو مساء؟ وهل يزداد الألم إثر حركة ميكانيكية محددة؟ الجواب عن هذين السؤالين يتيح للمعالج تبيان ما إذا كان الألم ميكانيكياً أو التهابياً. فإذا كان ناتجاً عن مشاكل التهابية يُصار لتحويله إلى طبيب عظام، أما إذا كان ميكانيكياً، كما أغلبية الحالات التي تصل، ونتائجه: آلام في الرقبة وفي نصف الظهر وفي أسفله وعند الكتفين فيكون العلاج ميكانيكياً.

العلاج باليدين
اختصاصي علاج تقويم العظام لا يصف عادة حبة دواء واحدة، ولا يستخدم في علاجاته أي أجهزة طبية، بل يعمد إلى العلاج باليدين وفق تقنيات خاصة. يهتم المعالج، بحسب شهيب، بتحديد سبب الآلام لا نتيجتها، ويتم هذا عبر إجراء فحص يدوي، ميكانيكي، من الرأس حتى أخمص القدمين، ويُصار إلى استخدام تقنية مختلفة لكل حالة. توضح شهيب: « وفي حال ظهر لدينا وجود (ديسك) في الظهر أو الرقبة، لا نعمل على نقطة (الديسك) نفسها، بل على العصب الذي يشدّ عليه ويتسبب بالآلام المبرحة. نخفف الضغط على (الديسك) ويكون العمل، ليس على النتيجة بل على السبب». وتتابع القول: «أحياناً كثيرة يأتي من يعاني آلاماً في الرقبة، ويكون السبب أنه يشدّ على أسنانه خلال النوم. تتشنج العضلات حول الفم بسبب هذا الشدّ ومثله العضلات من الرأس حتى الرقبة. ويكون السبب ليس مشكلة في الرقبة بل مشكلة (الشدّ) أو (الكزّ على الأسنان) كما يتعارف كثيرون على تسميته».


«السترس»، أو الضغط النفسي، هو سبب بلاء كثير من عظام الجسم. ويكون سبب «الميغران» أي آلام الرأس القوية غالباً مشاكل «السترس» أيضاً. وهناك تقنية علاجية تستخدم من قِبل اختصاصيي علاج تقويم العظام في هذا الخصوص. الحامل تعاني هي أيضاً آلاماً في الظهر تنزل إلى الورك، فالقدم بسبب ثقل الوزن الزائد لجهة يمين البطن أو يساره، ما يتسبب بتغيير طبيعة مشي المرأة الحامل أحياناً، ويكون العلاج هنا أيضاً باستخدام تقنيات محددة تنصبّ على العصب وترخية العضلات المحيطة. وجود الجنين في وضعٍ خاطئ كأن يكون رأسه نحو الأعلى يُعالج عبر تقنيات تقويم العظام أيضاً، وذلك بدقة متناهية. يُصار إلى تأمين الظروف الداخلية لاستدارة الجنين إلى وضعيته الطبيعية، هنا طبعاً إذا كانت المشيمة ووزن الجنين يسمحان بذلك.

العلاج في الصغر
يفترض أن يكون بين الجلسة والثانية وقت يتراوح بين عشرة أيام وأسبوعين، للسماح للجسم بأن يتفاعل ويتكيف مع العلاج بنفسه. ويستفيد كثيرون من جلسة واحدة. وكلما كان الإنسان صغيراً، والألم جديداً، كان الجسم طيعاً أكثر مع العلاج، لكن هذا لا يعني أن المريض المسنّ لا يتجاوب دائماً مع جلسات العلاج بسرعة، فثمة حالات تفاجأ بسرعة تجاوبها على الرغم من السنّ وحجم الألم وتجذره.
أطفال كثيرون يعانون مشاكل سببها العظام، وهؤلاء يحتاجون بدورهم إلى جلسات تقويم العظام. والاختصاصي يستشعر بنفسه مدى قدرته على العلاج عبر تقنيات تقويم العظام لأنه يعمل بيديه، وعليه أن يعترف بفشله إذا عجز عن ذلك، وكان الأمر يحتاج إلى علاج من نوع آخر.

آلام جمة
تقول اختصاصية علاج تقويم العظام، فيونا شهيب: «يفترض أن يمرّ من يعاني آلاماً جمة في العظام عبر اختصاصيي تقويم العظام، قبيل التهام كمّ من الأدوية أو الخضوع لعمليات جراحية، يفترض أن يكون آخر العلاج الكيّ. ويفترض أن يعرف الاختصاصي متى يقول: انتهى دوري هنا. فليس هناك إنسان لا يعاني آلاماً سببها لا يرجع إلى مشاكل في تقويم العظام». وتزيد شهيب: «علاج تقويم العظام يساعد أيضاً في تحسين التنفس. وهو ضروري جداً في حالات متنوعة، منها الإمساك أو الإسهال ومن آلام في المعدة وآلام في الرأس ومشاكل في التركيز وصعوبات في التعلم لدى الأطفال. أو من مشاكل في عظام الرأس سببها وضعية الرضاعة الطبيعية السيئة وسوء امتصاص الطفل لثدي الأم مما يسبب مشاكل في الفك وعظام الأذن والرقبة».