تقول متسلقة الجبال اللبنانية تيما دريان عن مغامراتها في تسلق الجبال، وآخرها وصولها إلى قمة جبل إيفرست: «كل ما تعلمته في تجاربي السابقة، استخدمته في رحلتي للوصول إلى قمة إيفرست، من صناعة الخيمة، إلى الاهتمام بنفسي من كل النواحي اللوجستية والطبية والنفسية، وبالطبع فقد تعلمت أموراً كثيرة من هذه التجربة، إيفرست هو أعلى جبل في العالم ولكنه ليس الأصعب، ولتقريب المشهد يرتفع هذا الجبل 8800 متر، وهو الارتفاع الذي تحلق عليه الطائرات».

• كيف اختلفت تجاربك في تسلق ارتفاعات متفاوتة للجبال؟
فقط من حيث الارتفاع والنوعية، فهناك جبال «تقنية» للتسلق ولدينا جبال فقط للنزهة، حتى اليوم تسلقت 18 جبلاً وهي مختلفة عن بعضها، وهذا الأمر جعلني أستعد لتجربة إيفرست، فعلى سبيل المثال يستطيع أي شخص الوصول إلى قمة «كلمنجارو»، لأنه يعتبر للنزهة بطريق الصعود للأعلى، بينما علّمني جبل «أكونكاغوا» وهو أعلى جبل في الأرجنتين كيفية التأقلم مع قلة الأوكسجين على ارتفاع 6962 متراً، وأيضاً جبل «أوخوس ديل سالادو» الذي يُعد أعلى فوهة بركانية جبلية، علمني كيف أتحكم بجسدي في ظروفه المحيطة، وتعلمت أثناء تسلقي جبل «ألبرس» كيف أمشي على الثلج، وكيف أستعمل الدعامات الخشبية والفأس وأدوات النجاة الشخصية. 

• تزامناً مع صعودك إيفرست أعلنت السلطات المحلية أن هذه السنة حصدت أعلى نسبة وفيات من المتسلقين، ألم تشعري بالخوف؟
أنا تسلقت من جهة النيبال، أي من الطرف الجنوبي، وأعلم أن عدد الوفيات هذا العام وصل إلى 11 شخصاً، أغلبهم مات من التعب، وهناك أشخاص لم يكونوا جاهزين كفاية للتسلق، ولكن أثناء الرحلة عندما أتذكر كم تعبت وتدربت ودفعت للوصول إلى هذه اللحظة، من الصعب أن أتراجع، وفي نفس الوقت قلة الأوكسجين لا تمكنك من اتخاذ القرار الصحيح، لقد مررت على جثث معلقة، واضطررت إلى تجاوزها، انتابتني لحظات خوف، وفكرت في أن أعود أدراجي، وأنني لا أريد أن يراني أهلي بهذه الحالة، ولكن بعد ذلك استجمعت قواي وأكملت المشوار ونجحت.

شغف
• ما الذي يجعلك تمارسين هذه الرياضة الخطرة؟
هذا الأمر أحبه جداً، ومن الصعب شرح سبب شغفي بهذه الرياضة، أعرف أنها خطيرة وتعرض حياتي للخطر، وأعرف أنه قد يحدث أي مكروه في أي لحظة، ولكن كلما ذهبت إلى جبل جديد أتعلق أكثر بهذه الرياضة، لأنها تمنحني الثقة التي أريدها وتعلمني التواضع، وأعلم حين عودتي للمدينة بأننا كبشر «لا شيء»، فعندما تكون في الطبيعة وعلى قمة جبل فإن ذلك له أبعاد مختلفة تماماً، وهو ما يصعب عليّ شرحه لأنه أمر داخلي أشعر به.

• بعد إيفرست ووصولك إلى القمة كأول لبنانية ما الهدف المقبل؟
لم أتسلق إيفرست من أجل هذا اللقب، أصبحت اليوم أول لبنانية وأنا محظوظة بذلك، وبعد إيفرست سأكمل القمم السبع، وفكرة القمم السبعة هي أعلى قمة في كل قارة، وتبقى لي قمة واحدة (انتارتكا فينسن) وكذلك زيارة القطبين الشمالي والجنوبي، بعد ذلك سأتسلق جبال تتعدى قممها الـ8000 متر ولدينا 14 جبلاً مثل إيفرست، ولا أعلم إذا كنت أستطيع صعودها جميعاً، ولكنني سأحاول قدر المستطاع، الشغف بالجبال لن يتوقف وسأستمر، لأنني كلما ذهبت إلى جبل، يمنحني شيئاً وأرى بكل جبل شيئاً لا يستطيع أحد رؤيته، وعند عودتي أمنح ما تعلمته للمجتمع وأهلي وأصدقائي، وهذا ما يمنحني طاقة إيجابية كبيرة، ومعرفة كبيرة تجمعها دون علمك بأنها موجودة في الجبال.

50 ألف دولار
• ذكرتِ عائلتك وأصدقاءك ولكنك لم تذكري الحب، فأين هو؟
لست محرومة من الحب، وأفكر بكل تأكيد بالزواج، أعرف أن الزواج بحاجة إلى وقت وتفرغ، وأنا أبقى في كل رحلة تسلق ما يقارب الشهرين، ولا أتوقع أن هناك «شريك حياة» يصبر هذه المدة على غيابي، ولكن إن وجدت شخصاً يستطيع التأقلم مع نمط حياتي فلمَ لا؟ أحب أن تكون لدي عائلة وأفكر بهذا الأمر لكن ليس الآن، وأتوقع أن الصعوبة تكمن في خلق توازن بين العلاقة والشغف.

لبنان والإمارات
• أنت مقيمة في دبي منذ 16 عاماً، كيف حفزتك دبي لممارسة هذه الرياضة؟
دائماً أقول إن لبنان هي بلدي والإمارات وطني، لهذا رفعت العلمين اللبناني والإماراتي على القمة، أتوقع لو كنت في مكان آخر لما تسلقت إيفرست، لهذا أهديت نجاحي للإمارات أيضاً.

• لبنان معروف بجباله، هل فكرتِ بصعودها؟
نعم وتدربت في «القرنة السوداء» وهو أعلى جبل في لبنان إذ يبلغ ارتفاعه 3300، وصعدت على جبل «صنين»، لبنان جميل بطبيعته ويبقى جبل الشيخ الوحيد الذي لم أتسلقه هناك.

القمة الـ7
بعزيمة وإصرار، تسلقت تيما دريان قمة جبل إيفرست، لتكون بذلك أول لبنانية تحقق هذا الإنجاز الرياضي، وتصل إلى أكثر نقطة ارتفاعاً في العالم، وبذلك تكون هذه الشابة قد وصلت إلى ست قمم من أصل أعلى سبعة جبال في العالم، وهي تستعد للتجربة التالية وزيارة القطبين الشمالي والجنوبي.