استوقفتني جملة مُقتطفة من كتاب «قصتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ذكر فيها أنه يودّ أن يجعل من دبي قرطبة زمانها. قرطبة لمن لا يعرفها، هي إحدى حواضر المسلمين في الأندلس التي يفخرون بها، وكانت قبلة العالم للعلم والحضارة قبل حوالي ألف سنة من الآن، وكان يقصدها الغرب لينهل من علومها وحضارتها.
أمر آخر يُفاخر به الإسبان قبل المسلمين هو أن قرطبة شهدت، ولأول مرة في تاريخ أوروبا والبشرية، التعايش السلمي والتسامح بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، وهي الإسلام والمسيحية واليهودية، وهو ما منحها لقب «مدينة الديانات الثلاث» وسُميت تلك الفترة «العصر الذهبي للتسامح».
السبب الذي استوقفني في هذه الجملة هو أنها جاءت مُطابقة لتغريدة كتبتها قبل سنوات عدة، ذكرت فيها أنّ قرطبة جديدة قيد البناء والتطوّر في الإمارات. باستطاعتي الآن أن أقول، بصوت عالٍ وبكل ثقة، إن قرطبة تشكّلت وتطوّرت وأصبحت واقعاً ملموساً وحقيقياً يُسمى الإمارات، وأصبح اسمها مقروناً بالتسامح والتعايش السلمي وقبول الآخر والفضل في ذلك، بعد رب العالمين، يعود إلى قيادة الإمارات الواعية والتي جعلت واحداً من أهم أهدافها نشر السلام والمحبة والتسامح ليس على مستوى الإمارات، بل على المستوى العربي والعالمي.
إذا كان العرب والمسلمون يُفاخرون بقرطبة كرمز للتسامح والتعايش بين ثلاثة أديان آنذاك، فالأجدر بهم أن يفخروا بتجربة دولة الإمارات، التي يعيش على أرضها أكثر من مئتي جنسية ومختلف الأديان والمذاهب والطوائف بكل حب وسلام ووئام من دون أن تُعكّر صفوها نزعات طائفية أو عنصرية بغيضة.
تستحضرني هنا مقالة نُشرت في صحيفة فوربس الأميركية الشهيرة قبل سنوات، ذكرت فيها أن الإمارات أصبحت «واحة من الاستقرار والحداثة والتنوع والتسامح». وما تربُّع دولة الإمارات على عرش أكثر الدول في العالم التي تحظى بثقة شعبها في نظاميها الإداري والسياسي، بحسب مؤشر إيدلمان للثقة، إلا دليل آخر على سمعتها الطيبة منذ تأسيسها على يد والدنا الراحل العظيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه شيوخ الإمارات.
عُذراً قرطبة، تسامحنا غير.