نعيش الحزن لأسباب مختلفة، وكل منا يعيش الحزن بطرق مختلفة ويتعامل مع مشاعره حسب شخصيته وخبراته. من أشد أنواع الحزن ذاك الذي يتبع موت عزيز وأي عزيز، أحد الوالدين أو الأخ أو الأخت أو الزوج أو الصديق أو ذاك الشخص القريب من القلب والروح، حيث يشعر الشخص بعدها وكأنه ريشة تتطاير في عاصفة، أو سفينة تدور ضمن دولاب هوائي فوق سطح الماء الثائر.

ضياع
عندما يُغيب الموت أحد الأحبة يشعر البعض بالضياع، والبعض كأنهم في صندوق ضيق، ويشعرون بالاختناق، وهناك من يشعر بالغضب، وقد يدخلون بالاكتئاب أو اضطراب القلق والهلع تحديداً، ويبقون محاصرين بالحزن، لأنه لا توجد صيغة محددة أو مقياس لذاك الحزن العميق، ويبقى الكثير من الناس محاصرين في الحزن، والبقاء عالقين هناك من دون أي علامات على التحرر منه بحرية العيش كما يجب، وقد أظهرت الدراسات البحثية أن الحزن الذي لم يتم حله والتخلص منه، يعتبر سبباً أساسياً للاضطرابات النفسية بنسبة 15? من الأسباب الأخرى.

تكيف
من الطبيعي أن نشعر بحزن عميق بعد فقد شخص نحبه، وقد تتعطل المهام الحياتية لبعض الوقت، ولكن يستطيع الشخص التكيف والتصالح مع الذات والظروف والإيمان بالقدر ومفهوم الموت والنهاية لكل حي، ومع مرور الوقت يتعلم الشخص أن يستمر في الحياة ويستطيع أن يتعايش مع الظروف بشكلٍ طبيعي.

مراحل
الطبيبة النفسية إليزابيث كوبلر طرحت مراحل الحزن الخمس التي يمر بها الحزين بعد وفاة أحد أحبابه في كتابها «الموت والوفاة» وهي: «مرحلة الإنكار، الغضب، المساومة، الاكتئاب، ومن ثم القبول أي الاستقرار النفسي»، ولكننا لا نستطيع أن نعمم المراحل نفسها لجميع الأشخاص استناداً إلى الفروق الفردية وحسب تجربة الشخص الخاصة، ومن تلك التعليمات التي قد تفيد البعض للتعايش مع الحزن:
- لك القرار في أن تعيش الحزن بالطريقة التي ترتاح لها، فهناك من يعود لعمله حتى ينخرط في المهام ليتلاشى الحزن بداخله، وهناك من يريد أن يبقى في غرفته ليجد الخصوصية الكاملة للبكاء، والعيش في بؤس حتى تنتهي حالة الحزن بداخله، من دون الاستماع لآراء الآخرين.
- البعض يفضل الالتقاء مع مجموعة ممن افتقدوا أحد أحبابهم، للإطلاع على تجاربهم في التخلص من الحزن والعودة للحياة الطبيعية.
- قد تشعر بالذنب لتقصير ما أو لعدم قضاء الوقت الكافي مع الميت قبل وفاته، وهذا وارد، ولكن من المهم تغيير تلك الأفكار باستبدالها من خلال استحضار الأوقات الجميلة التي قضيتها معه والذكريات الجميلة.
- التفكير في نفسك بأن تعيش حياة سعيدة هو تكريم الشخص الميت، وهنا وجه لنفسك سؤالاً وهو (هل الشخص الذي كان يحبك يريدك أن تكون حزيناً وتعيش البؤس بعد رحيله؟) تستطيع أن تجيب عن ذلك بالفعل لا بالتفكير.
- الحفاظ على استمرارية التواصل مع الميت، وهذا متبع في جميع الأديان، وبالنسبة إلى المسلمين فالدعاء المستمر والصدقات لهما دور كبير في التخفيف من الحزن، كما أننا نؤمن بأن الأجساد تفنى والأرواح باقية وتتزاور، فالإيمان يخفف الحزن.

استشارة
• لديّ مشكلة في إيجاد متخصصين لعلاج الاضطرابات النفسية لدى الأطفال، فأنا لديّ طفل عمره خمس سنوات ولديه قلق، وذهبت لمراجعة بعض الأطباء النفسيين، ولكن بعضهم نصحوني بأخذه إلى أخصائي نفسي، وقد ذهبت لبعضهم، ولكن للأسف لم أجد لديهم مهنية.. كيف يمكن علاجه وأين؟
- هناك عدد من الأخصائيين الذين يستطيعون التعامل مع الأطفال من خلال التقييم النفسي والتشخيص، وهذا مهم جداً حتى يضعوا الخطة العلاجية المناسبة، لم تذكر/ ي البلد، ولكن من المهم أن تتأكد/ي أن الأخصائي النفسي هو أخصائي مهني، أي لديه رخصة مزاولة كأخصائي نفسي إكلينيكي حتى يستطيع تشخيص الاضطراب الصحيح، كما يستطيع تقديم العلاج النفسي المناسب والأهم ألا يقوم بأي خطوة من دون موافقتكم كوالدين.