ترتبط الدرجات العلمية في أذهان الناس بمستوى فكري ونضج اجتماعي ومهني معيّن، فمثلاً درجة الدكتوراه تعكس بمضمونها أن الشخص قطع مشواراً علمياً طويلاً لنيل هذه الدرجة وتحمَّل تحديات كثيرة، وهي في الوقت ذاته تُلقي على صاحبها قدراً من المسؤولية. وهنا الحديث ليس عن الدرجات العلمية فقط، ولكن أمثلة كثيرة حولنا يرافق فيها نيل المُسمى بمستوى من التوقعات وقدْرٍ من المسؤولية.
من أهم المسميات والألقاب في نظري، والتي تعيش معنا طوال العمر لقب مواطن، فهو يولد مع أي إنسان بأي دولة حول العالم، ويكون تشريفاً من جهة، ولكنّه يحمل في مضمونه تكليفاً وواجبات لا بُد من الوفاء بها، فكما تهمّنا سمعتنا، لا بُد أن ندرك أن تصرفاتنا وسلوكنا أينما كُنّا هي سمعة وطن، فالناس يرون بلداننا فينا.
أكتب هذه الرمسة من وحي نماذج مواطنة حولي، رأيتها تُشرق وتتميّز، رغم مرور أشهر بسيطة على التحاقهم بالعمل كخريجين جدد، ونماذج أخرى أمضت عقوداً في الخدمة، ولكنهم مشرقون وينبضون نشاطاً وإيجابية وكأنهم التحقوا اليوم، فما سرّ هاتين الفئتين؟ السر في نظري أنهم يبدؤون أيامهم بحُب وإصرار على الوفاء بالجميل لوطن منحهم الكثير.
فمسمى إماراتي يجب أن يُشبه في قيمته لدينا معنوياً آثار الحضارات التي ما زالت حاضرة حتى يومنا الحالي، وتدلّ على عظمة من عاشوا وبنوا تلك الحضارات رغم أننا دولة حديثة فتية، ولذا أرى القيمة المعنوية لمسمى مواطن تزداد كل يوم، منذ أيام الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، فهو مسمى عالمي بجذور محليّة أصيلة يتربّع على قمم التنافسية العالمية في كثير من المجالات.
قدمت لنا دولتنا الكثير وتسابق العالم لنتميّز في المستقبل، لكن كما بدأت رمستي بدلالات الألقاب، فإن لقب مواطن يأتي ضمنياً مع العديد من التوقعات ومستوى عالٍ من المسؤولية. فأهميتي في موقع عملي سواء أكان في الحكومة أو القطاع الخاص، لا تنبع من كوني مواطناً، ولكن من مدى تجسيدي بتصرفاتي وإخلاصي لهذا اللقب لأكون مواطناً بجدارة. فهل ستبادرون لشكر كل نموذجٍ حقيقي للمواطن حولكم، وتُثرون تعريف المواطنة مع كل يوم جديد؟