حين تدخل قاعة (m) في منارة السعديات وتتجول في مساحاتها الأسمنتية شبه الفارغة، تستمع لصوت طرق، كأنك تعبر خلال عملية بناء، ويتناهى إلى سمعك صوت حي شعبي، بموسيقاه واختلاط أصوات ساكنيه، تقيم دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي معرض «الفن والمدينة»، بمشاركة فنانين عالميين وعرب، استلهموا موضوعات أعمالهم من المدينة، واستخدموا عناصرها مادة لها، لافتين الأنظار إلى أنها مهد الثقافة الشعبية المتجسدة في الأصوات والصورة والحركة، سواءً في الإعلانات أم إنتاج السلع الاستهلاكية، أم الموسيقى والفنون والأدب والتكنولوجيا والطعام والأماكن الطبيعية، وكذلك إلى كيفية كون الثقافة الشعبية مفهوماً متغيراً، ويعبر عن حالة المجتمع في مكان وزمان بعينيهما. من  الفنانين  المعروضة أعمالهم، جيف كنز، والفنان الإماراتي الراحل حسن الشريف، الذين نقدوا الثقافة الشعبية واحتفوا بها وتحدوها من خلال تسليط الضوء على الآليات الاستهلاكية الضخمة، والفنان وفا حوراني الذي كتب تاريخاً متخيلاً لمدينة «قلنديا» الفلسطينية من 1948 حتى 2087، وصنع مجسماً معبّراً له، تعلو من بيوته أصوات الأغاني والإذاعات وازدحام الأحاديث والسيارات. والفنان الأميركي كيث هارينغ، الذي طور أسلوبه من ثقافة الجرافيتي في شوارع نيويورك في ثمانينات القرن الماضي، وأصبح رمزاً لحركة الثقافة الشعبية الأميركية. المعرض يعبّر عن طبقات المدينة، ومدى إسهامها في سرد الثقافة السائدة، من خلال النحت وأعمال الكولاج، واللوحات التركيبية، التي استخدمت مواد قريبة من الأيدي والأعين، كالإعلانات، وألعاب الأطفال، والملاعق، وأضواء النيون، وغيرها مما هو ضمن نطاق المدينة القديمة والمعاصرة.