سطع اسم المصمم الفرنسي كريستيان ديور في القرن الماضي، ولا يزال يضيء بحضوره عالم الأزياء والموضة الأكثر شهرة في العالم، ولأنه يدرك أهمية جمال المرأة التي تفوح من فستانها وعطرها ونظارتها وأحذيتها، فقد أسس شركة ديور العالمية ورشح لجائزة الأوسكار.

ولد كريستيان ديور ابن الحضارة الفرنسية في بداية القرن الماضي عام 1905، وشهد حربين عالميتين الأولى والثانية، دفعته في لحظة ليشكل حكايته في عالم دار الأزياء العالمية، وليس غريباً هذا عن باريس مدينة الحب والجمال والفن والفلسفة، فلم تكن الأزياء بمعزل عن هذا الحراك الثقافي، بعد أن باتت الموضة لغة معبرة، نقدم من خلالها نفسنا للآخر.

قال كريستيان: "الكثير من النساء لا يأخذن وقتاً طويلاً لاختيار الحذاء الأفضل، إلا أن الدليل الحقيقي على أناقة المرأة هو ما تنتعله في قدميها"، وهي إشارة حقيقية لعمق خطوات المرأة وما تحمله من إشارات الأنوثة.

عاش كريستيان خمسين عاماً استطاع خلالها أن يجذر في عالم الأزياء والموضة، ويبقى أسمه ساطعاً وحكاية داخل حكايات إلى يومنا هذا.  

كريستيان ديور والأدب:

دخلت عطورات كريستيان ديور في النصوص الشعرية والروائية على لسان أبطال الروايات، ومنها رواية لهاروكي موراكامي، كما قدم المغني وكاتب الأغاني الإنجليزية موريسي أغنية بعنوان "كريستيان ديور".

من العطور إلى الحقائب والملابس والساعات والنظارات وصولاً إلى المكياج، وقف ديور في لحظة بعد حروب طويلة، ليقول للعالم "الجمال لا ينتهي على هذه الأرض"، جاعلاً من أناقة المرأة إشارة حقيقية لمعنى الحياة، وفي نفس الوقت صمم للرجل ليتكامل المشهد بالمعنى الإنساني الحقيقي.

بدايات التميز:

نشأ كريستيان في أسرة غنية بباريس، أراده والده أن يكون سياسياً أو مهندساً، فدرس العلوم السياسية، لكن السياسية لم تستهوي طموحه وشغفه فقطع الطريق على السياسة ومضى نحو الفن. 

كان ذلك في عام 1928، بدأ العمل بصالة فنون متواضعة، لكن الحلم سرعان ما واجه عراقيل، فقد خسر والد كريستيان الكثير من المال بسبب الكساد الاقتصادي فأغلق الصالة.

كان كريستيان يكسب المال من خلال بيع تصاميمه، إلى أن حصل على وظيفة عام 1937 عند مصمم الأزياء روبرت بيجيه، والتي شكلت له نقلة حقيقية لمعرفة هذا العالم من حيث الفروق والخصوصية والتميز.

وحين اشتعلت الحرب العالمية الثانية، انضم إلى الجيش ليعود بعدها إلى شغفه بعالم الموضة مع مصمم الأزياء لوسيان ليلونغ، وهناك عرف عالم المرأة.

شكل عام 1946 محطة رئيسية وهامة في مسيرة كريستيان بعاصمة الجمال، بعد أن أسس دار أزياء "ديور" وهكذا بدأ بقوة بدعمٍ من صاحب معمل نسيج يدعى مارسيل بوساك.

عرفت أزياؤه بالفخامة والأنوثة، كونه يبرز خصر المرأة وصدرها والأوراك المحشوة، وقد طوّر التنورة وجعلها بطول يصل لتحت الركبة بطريقة تمنح جسد المرأة سحرية لا تقل عن اي لوحة عالمية، وقد وصفت أزياءه بأنها شهوانية تستثير الرغبات، إلى أن بات في عام 1948 علامة تجاريةً منافسة لدور الأزياء الأخرى.

أنجز كريستيان الكثير من المجموعات واستخدم الكثير من الألوان وشكل الأحمر والوردي علامة من علاماته المميزة.

مات كريستيان ديور بشكل مفاجأ في 24 أكتوبر من عام 1957 وهو في أوج العطاء والتميز، وذلك أثناء رحلته إلى مدينة مونتيكاتيني تيرمي بإيطاليا، حيث تعرض لأزمةٍ قلبية.

وطبعاً لا أحد يعرف السبب الحقيقي لموته، فهناك روايات تقول إنه اختنق وهو يأكل السمك، ليعود إلى مسقط رأسه ويدفن هناك.