في خضم الأربع سنوات الماضية التي عشناها في المملكة العربية السعودية، لمسنا مخرجات برنامج الابتعاث الوطني الكبير، الذي أطلقه الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، باسم (برنامج الملك عبد الله للابتعاث)، والذي لا يقل عدد المبتعثين فيه عن 180 ألفاً، للدراسة في الخارج تم توزيعهم في العديد من دول العالم، وبالذات أوروبا وأميركا التي احتضنت العدد الأكبر من منسوبي هذا البرنامج المهم جداً.
وبما أن المملكة العربية السعودية أطلقت برنامجها الإصلاحي الكبير على يد الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي كشف عن طموحات كبيرة لوضع الوطن الحبيب في المكانة اللائقة به حضارياً وتنموياً ونهضوياً، عطفاً على المقدرات الكبيرة التي يمتلكها لنقف جنباً إلى جنب مع الدول المتمدنة، فإن الرهان الكبير كان على الشباب السعودي، الذين ابتعثتهم الدولة في الـ10 سنوات الماضية في مختلف المجالات والتخصصات العلمية من أجل المرحلة الراهنة التي تسعى المملكة العربية السعودية في القفز سريعاً نحو المكانة التي تستحقها، أسوة بما تملك من قدرات اقتصادية وبشرية وكافة متطلبات العمل التقدمي الذي ينم عن كفاءة عالية، في إدارة دفة شؤون البلاد بواسطة أبنائها الذين تم تأهيلهم على النحو المطلوب علمياً وعملياً.
منذ الإعلان عن البدء في المشاريع النهضوية لتطوير مرافق الحياة في الوطن الحبيب عام 2016، بدأ العمل بإحلال الكوادر البشرية السعودية المؤهلة في مواقع العمل، وبالنظر إلى تلك المحافل والفعاليات والبرامج والمشاريع والقطاعات التي بعد مأسستها وهيكلتها من جديد، لاحظ رجل الشارع والمراقبون لمجريات الأمور وجود لمسة جديدة في الحياة السعودية، اشترك في إبرازها كافة العناصر المكلفة بإحداث الفارق المطلوب والتغيير الأهم، في نمط التفكير وأسلوب الحياة وشاهد الجميع الفرق الشاسع في الصورة الذهنية المتطورة، للخدمات التي يستهلكها المواطنون ويتعاملون معها يومياً، بفضل تحديث أنظمة الدولة وتوفير الكوادر البشرية التي تدير هذه المرافق بمستوى مهني عالٍ.
ولعل قطاع الثقافة والفنون، وهو من أبرز القطاعات التي يتكئ عليها المشروع الإصلاحي السعودي، قد أظهر لنا جوانب متعددة من هوية السعودية الجديدة، الملبية لاحتياجات أبنائها المترجمة لتطلعاتهم وسط فرح عارم من الشارع السعودي، الذي كان على يقين بأن الوطن الحبيب سيظل هو مركز الثقل في الشرق الأوسط، وهو الوطن القادر على أن يكون محور جذب لأطياف التقدم والنمو المنتظرة، ومن هنا فإن قدوم الفرق الموسيقية الأوبرالية والفنانين العالميين وفرق العروض الجماعية، لإحياء المناسبات والفعاليات وأوجه الحياة بكل أشكال الفن والثقافة والمعرفة، هو ما يعزز رغبتنا في محاكاة الشعوب الأخرى بما نملك، وكيف نتباهى به ونقدمه بأحدث أساليب العصر، مما وفر لنا ناتجاً إيجابياً سيكون إضاءة عميقة لدروب المستقبل المشرقة بكل ما هو جميل، ومع مرور الوقت شيئاً فشيئاً بدأت تتضح تفاصيل كثيرة، شكلت دائرة من الإبهار لدى المتابع والمراقب، وهذا كله بفضل إرادة الشعب الكبيرة التي أوقفت ولي العهد السعودي رجل المستقبل ورئيس المشروع الإصلاحي الكبير ليقول، إن لديّ شعباً همته شامخة كجبل طويق، وهو فخور بذلك ومدعاة لانغماسه بكل ما يملك من أجل الإسراع في تحقيق نمط حياة جديد، يتواءم مع المتغيرات الثقافية التي يملكها المواطنون الشباب في المملكة العربية السعودية، التي ستقفز بفضل أبنائها إلى أرقى المنصات لتقف بجوار الدول المدنية الكبرى في العالم، وعود على بدء فإن الشباب السعودي الذي انخرط في خدمة الوطن الحبيب اليوم وكل يوم، وبالذات الذين أنهوا دراساتهم العلمية هم من سيقودون المملكة العربية السعودية للمكانة المرموقة التي تليق بها.