الحب حالة ذاتية، ترتقي بإنسانية الإنسان عالياً، وتفتح داخلها عوالم لم يكن للإنسان أن يعرف سرها، لولا إصاباته العشقية العميقة. لكن كثيراً ما تصبح الحالة الذاتية واسعة لتشمل أمة بكاملها فتطفئ حرائقها القاسية. بالضبط هذا ما حدث مع قصة المينوتور والأمير ثيوزوس وحبيبته آريان.
كان ملك كريت مينوس يملك مينوتوراً وحشاً أسطورياً، نصفه السفلي إنسان، ونصفه العلوي ثور، هدية ملغومة من بوسيدون، وكان عنيفاً وشرساً مما اضطر الملك وضعه داخل المتاهة، بمساعدة مهندسه المعماري ديدالوس. فأنشأ هذا الأخير متاهة، وضع داخلها المينوتور، الذي ظل يدور بلا نهاية.
كان للملك مينوس ابن ذكي ورياضي، فاز ببطولة الألعاب الأولمبية المقامة في أثينا، فاستشاط ابن ملك أثينا غضباً وحقداً، ولم يتقبل هزيمته التي كانت تعني له الذل والمهانة، فدبر حيلها، ثمّ من خلالها اعتراض البطل الفائز، الذي تم قتله شر قتلة، ورميت جثته للحيوانات الجائعة. وعرف الملك مينوس الجهة التي اغتالت ابنه، فجمع جيشاً جراراً قوياً واتجه نحو أثينا، فأحرقها، وحاصرها طويلاً، فشح فيها الماء وقل الأكل، وحلت المجاعة، فطلب ملك أثينا، أيجوس، الصلح، لكن الملك مينوس رفض. وكان شرط الصلح أن يرسل الملك أيجوس كل عام سبعة من أقوى فتيان أثينا، وسبعة من أجمل الفتيات العذارى، يقدمون كقرابين للمينوتور. واستمر المشهد لسنوات متتالية بالوتيرة نفسها، استقبال سفينة الضحايا، ثم رميهم للوحش إلى أن ظهر ثيوزوس ابن الملك أيجوس، فطلب من والده أن يرسله مع ضحايا المينوتور. رفض الملك في البداية الاستجابة لطلب ابنه، قبل أن ينصاع لطلبه. وعندما وصلت السفينة الحاملة للضحايا إلى كنسوس عاصمة كريت، نزل منها الجميع ومنهم ثيوزوس. عندما رأته آريان، ابنة الملك مينوس أعجبت به ورأت فيه حبها الكبير. لازمته في كل أوقات عبوره من البحر إلى الحجز. قررت إنقاذه، مهما كان الثمن، حتى سخط والدها. فقدمت له كرة خيط ربطها عند بداية حركته لمقاتلة المينوتور، وحتى لا يتيه. ويدخل المتاهة ويصارع الوحش ويقتله. ويعود مسترشداً بالخيط حتى الخروج. تستقبله آريان، فتعالجه حتى يشفى. ثم قدمته لوالدها كبطل قدم حياته قرباناً لإنقاذ الشعبين، الأثيني واليوناني، من حرب بلا معنى. ويقبل الوالد بتزويج ابنته بالأمير ثيوزوس، ويتفق الجميع على الصلح بين كريت وأثينا، فتوقفت الحرب والقرابين، وتزوج العشيقان اللذان استطاعا بالحب والذكاء وحدهما توقيف المظالم والحروب.