«المساواة هي نهاية العدل».. نيتشه
قبل أن تعترض على العنوان، بحجة أن الراتب الشهري هو أحد أسباب عمل الحكومات بكفاءة على مر الأزمان، سأخبرك أنني أوافقك الرأي بكل تأكيد، لكن ما كنت أرمي إليه هنا هو الراتب الثابت.. لكن قد تقول الآن ما الفرق؟
راشد وحمد يعملان في إحدى المؤسسات الحكومية في الدولة، وقد تم تعيينهما على المرتبة الوظيفية ذاتها وبالراتب نفسه. في بداية  العمل كان راشد وحمد يؤديان الأعمال المكلفين بها بأفضل وجه. توالت الأيام والأشهر حتى بدأ الفرق في الإنتاجية يتضح بين راشد وحمد، حيث أصبح حمد متقاعساً عن أداء أبسط المهام، وراشد ثبت على وتيرته مثابراً شغوفاً بما يؤديه.. لاحظ مسؤول حمد هذا التكاسل، فقرر توبيخه، لكن لا فائدة، ولنذكر هنا أن الفرق بين الإنتاجية متفاوت إلى حد كبير بين حمد وراشد، لكن الراتب الشهري بينهما متطابق! لاحظ راشد أن جهوده لم تلقَ أي تقدير أو قبول بعد مرور مدة طويلة من الزمن من العمل الدؤوب، فالمساواة في الراتب ظلمت حقه، حتى أصبح هو نفسه يذهب إلى العمل متثاقلاً ولا يرى أي غاية في إبراز ابتكاراته أو تقديم أي أفكار خلاقة.. الذهاب إلى العمل.. عمل لا شيء.. العودة من العمل، هكذا أصبحت حياته، فمن المسؤول عن هذا التحول؟
حسب ما تذكره آخر الإحصاءات هناك أكثر من مليارين ونصف المليار موظف حول العالم غير راضين عن عملهم مثل راشد، والأسباب كثيرة بالطبع، لكن الراتب الثابت أحدها، وذلك بشكل خفي.
إذاً أقدم لكم فكرة الراتب المرن، وهي فكرة ليست بجديدة أو متفردة، فإن أغلب الشركات الخاصة الناجحة تطبقها لأنها مبنية على أسس سليمة عادلة، ففي هذه الحالة بينما راشد وحمد يتقاضيان الراتب الأساسي نفسه، لكن بناء على أداء أحدهما فإن الراتب يكون متغيراً حسب إنتاجية الموظف، فكلما قدّم المزيد يزيد راتبه الشهري، ولو كان على المرتبة الوظيفية نفسها مع موظف آخر. الموظف الذي يقدم عملاً أساسياً يحصل على راتب أساسي عادي، والموظف الذي يقدم عملاً استثنائياً يحصل على راتب استثنائي.. هكذا بكل بساطة.