حالة من الفرح الغامر سادت كثيراً من شوارع عالمنا العربي، وكان من السهل قياسها من خلال «المتابعة حتى لو كانت غير دقيقة» لمواقع التواصل الاجتماعي، عند فوز الفريق الجزائري في بطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم مؤخراً، طبعاً اختلط فيها الرياضي بالسياسي بالاجتماعي. ربما تكون هذه هي الحال في العادة، كون كرة القدم تأخذ أبعاداً مختلفة، وتحمل ما هو أكبر من حجمها ومن تلك الروح التي هي جوهرها «الروح الرياضية».
المهم، في مثل هذه المناسبات «التي لا أقلل من شأنها إطلاقاً»، تتجلى حقيقة أننا شعوب ينقصنا الفرح، كما ينقصنا الأمل والثقة بقدراتنا. وفي مثل هذه المناسبات يعلو صوت السؤال أين اختفى الشعور بالفرح الجمعي في حياتنا؟ ولماذا نحن شعوب لا نملك القدرة على السعادة؟ قد تتعدد الإجابات وتختلف، بعضها فيه أسباب مقنعة أحياناً، وكثير منها لا يبرر السوداوية التي تطغى على حياتنا في العموم. الإجابة قد تكون بسيطة، وهي: منذ أن بدأنا بتخوين بعضنا بعضاً، ومنذ أن بدأنا بحياكة المؤامرات ضد بعضنا البعض، ومنذ أن أصبحنا نستسهل تحميل مسؤوليات فشلنا للجميع إلا أنفسنا، ومنذ أن استسلمنا لحقيقة أن السعادة والفرح ضد الإيمان والتدين، وأن الآخر السعيد المتصالح مع نفسه في جهنم ونحن في الجنة، في حين أن تبسمك في وجه أخيك صدقة واحدة من الأساسيات الدينية التي تعلمناها منذ تعلمنا فك الحرف.
أخشى أن نكون وصلنا إلى مرحلة القناعة أن السعادة والفرح ليسا من ثقافتنا. كون السعادة هي فعلاً جزءاً من ثقافة الشعوب وتترسخ في المجتمعات الحضارية، على الرغم من اختلاف نوعيتها من شعب إلى آخر.
ميلتون أريكسون عالم نفس أميركي قال: «الحياة في حد ذاتها سوف تجلب لك الألم، مسؤوليتك إذاً هي أن تصنع الفرح». بينما الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه قال: «نسمع في لحظات الفرح الغامر صرخات الرعب والبكاء الموجع اشتياقاً لشيء ما فقدناه بلا رجعة»... وللأسف يبدو أن هذه هي حالنا.