يؤكد الكثيرون من المختصين أهمية الثقة بالنفس، وإن كنت ممن يثقون بأنفسهم سيصبح العالم بين يديك. لكن هناك من يختلف مع هذا الرأي، ويعلل ذلك بأن الثقة أحياناً تمنع الشخص من المثابرة، وقد يخفق في بعض الأحيان نتيجة ثقته الزائدة وإيمانه بقدراته، كما أن الثقة العالية قد تزيد من الطموح، إلا أنها تقلل أيضاً من التفاني والتركيز والجهد اللازمة للبناء على النجاح.

هل هذه حقيقة؟
«هي» عندما جاءت مما وراء البحار، من وطنها البعيد لكي تُكمل دراساتها العليا في مجال العلوم الإنسانية، كانت خجولة ومترددة نوعاً ما، كانت تخاف من الفشل، لأنها كما تقول تفتقر إلى الثقة بنفسها على الرغم من ذكائها وتميزها، إلا أنها تبذل مجهوداً مضاعفاً حتى تحقق هدفها.
هنا ولسنواتٍ اعتادت أن تجلس في هذا المكان المنعزل عن المارة، وحيدة، تتناول وجبة الغداء أو تقرأ مرجعاً أو تكتب رسالة لأحد الأحبة في بلادها، وها هي هنا تجلس محدقة في اللاشيء، وفي الحقيقة هي تفكر في كل شيء، وبالذات في التغيير الذي أحدثه أحد أساتذتها، حيث جعلها تتعمق في ذاتها أكثر وتتلمس القوة الكامنة في داخلها، وتغيير النظرة السلبية المليئة بمشاعر الخوف التي تعزز عدم الثقة بالذات، والتي خسرت بسببها الكثير من الجهد والوقت والأهداف وحتى العلاقات، وتذكرت عباراته التي بدأت تصوغها لترسلها لكل من يحتاج، فكان يحدثها بصوت كنغمة جدية في قطعة موسيقية لبيتهوفن زلزلت كيانها، وبدأ عقلها يبتهج حتى تألقت القدرات العقلية العليا وتغير التفكير تجاه الذات ونضج. ومن هذه العبارات:

• تخلصي من خداع نفسك من خلال التفكير في أن ثقتك بنفسك مرتبطة بكفاءتك. فما تحتاجين إليه حقاً هو سد الفراغ في تقدير قدرتك على الأداء، ونبذ ردود الفعل السلبية على أنها غير دقيقة، وينتهي بك الأمر إلى أن تفعلي ما هو أسوأ بكثير مما لو كانت لديك رؤية ذاتية واقعية.
• من أسباب التعمق في عدم الثقة، الآخرون، إذاً ركزي عليهم وليس على ما تشعرين به، فأنت لا شك تخجلين ممن حولك، لذا اعملي دائماً من ضمن الفريق وليس بشكل فردي، اشتركي في أحد الأندية في الجامعة، أو تطوعي في إحدى المبادرات، لا تكوني مهووسة بذاتك وركزي على الآخرين عندها ستكونين أكثر تعاطفاً... ولتعزيز الثقة ركزي على ذاتك من خلال ما يريد الآخرون عبر:
- الحب (ستكونين موقع تقدير، نجاح، قيمة...).
- المعرفة والتعلم (فهم العالم والذات والآخر...).
- العلاقات الإنسانية (الاحترام والتقدير، الحوار، تجنب الشكوى، الإنصات للآخر، احترام الرأي الآخر، أن تكوني على خطأ، ردود فعل إيجابية...).

سر نجاح القادة
• أن تكوني جادة في ما تعملينه، ففي دراسة مسحية أجراها فريق من العلماء للاطلاع على سر نجاح بعض القادة والموظفين وتميزهم، اكتشفوا أنهم متواضعون وعطوفون أكثر من الموهوبين والواثقين بأنفسهم. فالأفضل أن تركزي على السلوك الذي يلمسه ويحكم به الآخرون، أما الثقة فهي مكنونة بداخلك وأنتِ من يشعر بها فقط.
• هناك لغة الجسد عليكِ التركيز عليها، ومع الاستمرار ستكون جزءاً مهماً من سلوكك، وهي إظهار الثقة من خلال التواصل والنظر في عيني من تتحدثين له، وجهي وأجيبي عن الأسئلة بثقة ولا تنسي الابتسامة، هكذا ستتغلبين على الشعور بنقص الثقة بالنفس، وستستطيعين التعامل مع وجهة نظرك الذاتية التي لا تحبين مشاركتها مع الآخرين.

استشارة
• إحدى طالباتي (14 عاماً)، طالبة مجتهدة، صحتها جيدة، ومستواها الدراسي ممتاز، فجأة بدأت تتحدث في أمور غير منطقية، تنعزل عن زميلاتها كثيراً، وتتحدث كأنها تتحاور مع أحدٍ ما وعندما أقترب أراها تنظر إليّ أو إلى السقف من دون أي رد فعل.. أخذتها أسرتها لطبيب نفسي، قال إنها حالة فصام، وبدأت تأخذ الدواء، فأصبحت تنام كثيراً، وعليه بدأت تتغيب ولا أعتقد أن هناك أي تقدم، وبتواصلي مع الأم طلبت مني المساعدة.. أرجو الحل؟
- الفصام من الاضطرابات النفسية التي قد تصاحبها أعراض ذهانية، وتؤدي بصاحبها إلى تفكير غريب وضلالات وهلاوس سمعية وبصرية وحسية، وكل ذلك يؤثر في السلوك كالتحدث إلى أشخاص لا يراهم أو يسمعهم غيره، فضلاً عن إصابته باضطراب في العواطف والسلوك، وقد لا يستطيع أحد معرفة إذا كانت تلك الأعراض حقيقة أم لا. وأسباب هذا المرض متعددة، فقد تكون وراثية أو بسبب تعاطي المخدرات أو مشكلة طبية أو نتيجة التغيرات أثناء فترة البلوغ، وهناك بعض البحوث تبرر أن تغير بعض خلايا الدماغ قد يسبب مشكلة في الوظائف العقلية والإدراك وتنتهي. لكن يجب أن يعرض المريض على طبيب نفسي مختص، للتأكد من تشخيص الحالة، وصرف العلاج المناسب لها.