أثار مشهد تلفزيوني مدته ثلاث دقائق عُرض على شاشة القناة السعودية، في برنامجها الخاص بتغطية فعاليات «موسم جدة»، في حلقة خاصة بعنوان «طلال مداح في موسم جدة». وقد ظهر في المشهد فنان تقمص شخصية الفنان السعودي الراحل طلال مداح، إذ فاجأ الجمهور بظهوره في منطقة جدة التاريخية، معتمراً الهيئة «الطلالية» نفسها في طريقة اللبس، التي تميز بها الفنان الكبير طوال حياته، ممسكاً بعوده ومتجولاً في ردهات المنطقة التاريخية محيياً الجماهير المحتشدة في الموقع على الطريقة «الطلالية»، فيما كانت البداية الخاصة بهذا المشهد أغنية طلال مداح الشهيرة «أنا راجع أشوفك» تلتها أغنية «الله يرد خطاك، ما تقول لنا صاحب، أجاذبك الهوى»، وأخيراً «نام الطريق يا عيوني»، حتى نهاية المشهد عندما توقف أمام فرقة فنية صغيرة، تؤدي أغنيات مداح للحضور، حيث توقف الممثل الذي تقمص شخصية الفنان الراحل مع الجمهور مستمعاً ومحيياً لمن يغني له ومشيداً به».
هذا المشهد القصير الذي عرض كـ«برومو» لحلقة خاصة عن الفنان طلال مداح في «موسم جدة» السياحي والترفيهي، ترك ردود فعل كبيرة سجلت حضوراً لافتاً في مواقع التواصل الاجتماعي، مستعيدة دور الفنان في الحياة الاجتماعية السعودية، وجهده المؤثر والملموس الذي تركه فيها، محققاً مشاهدة عالية جداً، لا سيما أن المشهد جاء متوافقاً مع إطلاق اسم الفنان طلال مداح على أحد أبرز المسارح الغنائية المعروفة، وتماشياً مع تلك الاستعدادات التي تجري الآن لتنظيم حفل تكريمي رسمي اعتزازاً بما قدمه طلال مداح للوطن، حيث يعتبر مؤسس الأغنية السعودية.
هذا التوهج الذي يعيشه الراحل طلال مداح، بعد مرور 19 عاماً على وفاته في ذاكرة الناس ووجدانهم مدعاة للتساؤل، محرضاً على محاولة التوقف أمامه وكيف تحقق له ذلك، وهنا نكتشف أن رسالة الفن الحقيقية هي التي تتجلى في أن تلعب دورك كفنان، من أجل الحياة والناس وإعمارها بالبناء والوعي بالحب والمضي في دروب الحياة، مشيداً حاضر الزمن ومستقبله بالآمال والأماني، ومستعرضاً كل مقدراتك في وطنك، ليكون الشعب مؤمناً بالمحتوى الذي تمرره، له تحفيزاً للمشاركة في تنمية الوطن ونهضته وضخ كل المشاعر من أجل أن يعيش الوطن في قلوب أبنائه.
صدق الفنان طلال مداح مع نفسه وفنه، واحترامه للمتلقي وارتباطه بالناس والتعايش معهم، ومشاركتهم جوانب حياتهم المختلفة، وإحساسه المطلق بهم، جعلهم يخلدونه في عقولهم وقلوبهم، متمسكين به يهتفون له بالحب والاحترام والاعتزاز، مؤمنين بقيمة ما أنتجه لهم من عطاء فكري وإنساني، أسهم بقوة وفعالية في تنوير العقول والأرواح، وتزويدها بما تحتاج من جوانب المعرفة، وضرورة الحضور في المواقف الإيجابية دعماً للوطن ومن أجل حياة تسير نحو الاستقرار والرفاهية في الحاضر والمستقبل.
إن طلال مداح بما قدمه على مدار 45 عاماً، وهي مشواره الفني تطرق فيها لكل ما يخص الحياة من أحلام وآمال وآلام ومواقف، فرضتها الأزمات التي مر بها الإنسان والوطن، وكيفية التماهي مع المتغيرات والعمل من أجل رفعة شأن الوطن في كل المواقف، والاصطفاف مع المجتمع في ما يموج به من ظواهر والإلمام بها ومتابعتها والتوقف عندها، والإسهام عند وجوب مشاركة الفنان في مثل هذه الأمور، فكل ما تقدم هو ما جعل طلال مداح متألقاً في ذاكرة الناس ووجدانهم، على طول مساحة الوطن الجغرافية، متجاوزاً بذلك النجاح والتأثير إلى خارج الحدود، ونحن نعيش مرحلة ثقافة الاعتزاز برموزنا الرائعة، التي لعبت دوراً كبيراً ومهماً في نهضة الوطن وترقيته، والوصول به إلى المكانة اللائقة به، أتطلع إلى تجسيد شخصية طلال مداح في مسلسل درامي، أو فيلم سينمائي لتزدهي الذاكرة بنموذج فني جدير بالاحترام والتقدير.