منذ أيّام كنت جالسة في مقهى فوقعت عيناي على تصميم لجدار وضوء مثبّت عليه، الجدار مصمم ليبدو قديماً، وليست فيه تفاصيل كثيرة سوى أنه يُظهر حجارة البناء كما هي، وفي كل حجر بناءٍ الكثير من الثغرات والخطوط لتعكس مرور الزمن، وجمالية الجدار لم تكن في الحجارة وحدها بل في الضوء المعلّق عليه وما أبرزته الإنارة لي. ففكرت كيف أن كثيراً من تفاصيل حياتنا يُمكن أن تُشبه العلاقة بين حجارة البناء العتيقة والإنارة، وأن كثيراً من حالات عدم الرضا والتأفف ناتجة من أحد أمرين إما أننا لا نمتلك الضوء لنسلّطه على ما لدينا من نِعَم، أو أننا أضأناه في المكان الخطأ ولم ننتبه لذلك.
كثيرون هذه الأيام منشغلون بالبحث عمّا لا يمتلكونه، أو التدقيق فيما عند غيرهم، وفي الحالتين الضوء في حياتهم مسلّط على البقعة الخطأ، ففي الحالة الأولى انشغلوا عن النعم الكثيرة التي لديهم، ونسوا أن يثبّتوا ضوءاً ذهنياً على ما عندهم ليروا جمال حياتهم، وفي الحالة الثانية الضوء على جدارهم، ولكنه مسلّط على ما عند الآخرين، فبقيت مميزات حياتهم هم في الظلام بعيداً عن أعينهم، رغم أنه في غالبية الأحيان يكون ما لديهم أجمل وأميز.
لا أريد أن أكون مثالية وأقول إنه في كلّ الأيام ستكون لدينا طاقة إيجابية ذاتية، فالأحداث تُلقي بظلالها علينا وعلى أرواحنا ومجريات أيامنا، ولكن بمجرّد أن يسقط ضوؤنا على أي حدث أو موقف، يطرأ أن نتعافى بسرعة ونعيد تسليطه على الكثير من السعادة التي تزدحم فيها أيامنا. فإن حدث ما يؤرقنا في الحياة الشخصية، فلننظر بشكل أدق في تفاصيل علاقاتنا ومن حولنا، لنجد أن هناك على بُعد خطوات شخصاً أو أشخاصاً يحملون بأيديهم الكثير من السعادة ليهدوها إلينا، وإن سار اليوم في العمل بطريقة غير التي خططنا لها، فلننظر في لوحة اليوم العملي لنجد أجزاء كثيرة لم نُسلّط أبصارنا عليها.
الحجارة صادف وجودها في جدار ذلك المقهى، وهي ذاتها قد تكون ملقاة في ضوء النهار على الطريق من دون أن ألاحظها! فلنجعل أفكارنا مثل مصباح اليد نُعيد حمله وتصويبه إلى الاتجاه الصحيح، متى سقط من أيدينا لموقف أو فكرة عكّرت صفونا. هل عثرتم على ضوئكم أم أنه موجود ولكن على البقعة الخطأ؟